العاشر : أنّه قال على رءوس الملأ : «متعتان كانتا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما» وكيف يجوز له النهي والعقاب على ما كان في عهده عليهالسلام؟
الحادي عشر : أنّه خرق كتاب فاطمة عليهاالسلام ، وذلك أنّه لما طالت المنازعة بينها وبين أبي بكر ردّ عليها فدكا ، وكتب لها كتابا فخرجت والكتاب في يدها (١) فلقيها عمر
__________________
ـ أبي الحديد : شرح النهج ، ج ٨ ، ص ١١١ وفضّل مضر على ربيعة ففرض لمضر في ثلاثمائة ولربيعة في مائتين ـ تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ، ص ١٠٦ «وفضّل الأوس على الخزرج» فتوح البلدان ص ٤٣٧. وقد ولّد هذا المبدأ فيما بعد أسوأ الآثار في الحياة الإسلامية ، حيث إنّه وضع أساس تكوّن الطبقات في المجتمع الإسلامي ، وجعل المزيّة الدينية من سبل التفرق المادي وزوّد الارستقراطية القرشية التي مكّنت لنفسها من جديد بتمكن أبي بكر من الحكم بمبرّر جديد للاستعلاء والتحكّم بمقدّرات المسلمين ، فجميع اعتبارات التفضيل تجعل القرشيين أفضل في العطاء من غير القرشيين ، وهذا يعني أنّ قريشا هي أفضل الناس ؛ لأنّها قريش وكفى بهذا مبرّرا للتحكّم والاستعلاء.
وقد كوّن هذا المبدأ سببا جديدا من أسباب الصراع القبلي بين ربيعة ومضر وبين الأوس والخزرج ، بما تضمّن من تفضيل سائر مضر على سائر ربيعة وتفضيل الأوس على الخزرج ، ونظنّ أنّ هذا المبدأ قد أرسى أوّل أساس من أسّس الصراع العنصري بين المسلمين العرب وغيرهم من المسلمين ، بما جرى عليه عمر من تفضيل العرب على العجم والصريح على المولى ، وكان عمر قد أدرك في آخر أيامه الأخطار السياسية والاجتماعية التي يؤدّي إليها مبدؤه هذا ، كما يدلّ على ذلك بعض كلماته المأثورة عنه ، وقد أعلن عزمه على الرجوع إلى المبدأ النبوي في العطاء فقال : «إنّي كنت تألّفت الناس بما صنعت في تفضيل بعض على بعض ، وإن عشت هذه السنة ساويت بين الناس فلم أفضّل أحمر على أسود ولا عربيا على عجمي ، وصنعت كما صنع رسول الله وأبو بكر». الطبري في أحداث سنة ٢٣ ، ولكن عمر قتل قبل أن يرجع عن هذا المبدأ ، فجاء عهد عثمان وسار عليه فظهرت آثاره الضارة في الحياة الإسلامية ، وكان من أهمّ العوامل التي مهّدت للفتنة بين المسلمين.
وقد كشف الفاضل المعاصر بالبحث والتنقيب والتحليل الصحيح عن النتائج والآثار الضارّة التي ترتّبت علي تفضيل عمر في العطاء في كتابه ثورة الحسين المطبوع ببيروت الطبعة الثالثة سنة ١٣٩٣ ، فراجع حتى ينكشف لديك ما ترتّب على عمل عمر هذا من المفاسد والمخازي التي لا يسدّها شيء ، بل بقيت آثار هذا المبدأ إلى اليوم على خلاف من قوانين الإسلام المقدّسة وعلى نقيض من التساوي الحقيقي الذي جاءت به الشريعة المطهّرة وعمل به صاحب الرسالة الكريمة في أيام حياته المباركة.
(١) معها ـ خ : (آ).