وسألها عن شأنها فقصّت (١) قصّتها فأخذ منها الكتاب وخرقه ، فدعت عليه ودخل على أبي بكر فعاتبه ، واتّفقا على منعها (٢).
الثاني عشر : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا قال عند موته : آتوني بدواة وكتف أكتب كتابا لا تضلّون بعدي وقال : إنّ الرجل ليهجر ، كفانا الكتاب ، فاختلف أهل المجلس حتّى قال بعضهم : القول ما قال رسول الله ، وبعضهم : القول ما قال عمر ، وكثر النزاع واللغطة (٣) حتّى غضب صلىاللهعليهوآله وقال : قوموا عنّي.
والطعن من وجهين : أحدهما : قوله : إنّ الرجل ليهجر ، ومعنى اللفظ : إنّه ليهذي ، حاشاه من ذلك ، وفي بعض الروايات ليهذي (٤). وثانيهما : ردّه ومخالفته له ، وهو يدلّ على أنّه أعرف منه بالمصلحة وكذبه في ذلك.
__________________
(١) عليه القصة ـ خ : (آ).
(٢) انظر إلى كتاب سليم بن قيس الهلالي رحمهالله تعالى وانظر إلى تلخيص الشافي للشيخ الطوسي (ره) ج ٣ ، ص ١٢٥ طبعة النجف والاحتجاج للطبرسي (ره) وغير ذلك من المصادر المعتبرة.
(٣) بالغين المعجمة والطاء المهملة بالتحريك والتسكين الصوت والجلبة وأصوات مبهمة لا تفهم.
(٤) وفي لفظ آخر : قد غلب عليه الوجع ، وفي لفظ الشهرستاني : قد غلبه الوجع ـ الملل والنحل ، ج ١ ، ص ١٤. ولما كان قوله : ليهجر في أعلى مراتب القبح والاستهجان والدلالة على الكفر وعدم الإيمان بالله ورسولهصلىاللهعليهوآله فقد بدّل بعض أتباع عمر العبارة بقوله : قد غلب عليه الوجع ، ولكنّ المسكين لم يعلم أنّ النتيجة في العبارتين واحدة ، وهي نسبة الهذيان ـ وهو النطق بما لا يفهم ـ إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وذهاب العقل إليه بواسطة الوجع العارض له صلىاللهعليهوآله ، فلا فائدة في تغيير العبارة ، وفي لفظ آخر : فقال عمر : ما له أهجر؟ صرّح بذلك ابن تيمية في منهاجه ، ج ٣ ، ص ٢١٢. وفي حديث البخاري في باب جوائز الوفد من كتاب الجهاد : فقالوا : هجر رسول الله ، ومن حديثه في باب إخراج اليهود من جزيرة العرب من قولهم : ماله أهجر؟ استفهموه ، ونحوه حديث مسلم في صحيحه ج ٥ ، ص ٧٥ وأحمد بن حنبل في المسند ، ج ١ ، ص ٢٢٢ ومن حديث مسلم أيضا في كتاب الوصية ج ٥ ، ص ٧٦ وأحمد في المسند ج ١ ، ص ٣٥٥ قالوا : إنّ رسول الله يهجر ، وفي قول البخاري : باب قول المريض : قوموا عنّي من إساءة الأدب ما لا يخفى ، فكان ينبغي له أن يقول : باب قول رسول الله : قوموا عنّي نعم تبع البخاري لإمامه عمر في إساءة الأدب. قال الشهرستاني : «أوّل شبهة وقعت في الخليفة شبهة إبليس» ج ١ ، ص ٦ وأول اختلاف وقع في الإسلام مخالفة عمر في مرض النبيصلىاللهعليهوآله قال : ائتوني بدواة وقرطاس ... قال عمر : قد غلبه الوجع حسبنا كتاب الله ... قال ابن عباس : الرزية ... كلّ الرزية ... انظر ص ١٤.