لقوله صلىاللهعليهوآله لفاطمة عليهاالسلام : زوّجتك أقدمهم سلما وأكثرهم علما (١)» سلّمنا ، لكن ذلك دليل على أفضليّته عليهالسلام بوجوه :
الأوّل : الغالب على الصبيان الميل إلى اللعب ومتابعة الشهوات والبعد عن الفكر في ملكوت السماوات ، ثمّ إنه عليهالسلام أعرض عن ذلك واشتغل بالفكر والنظر والتطلّع إلى أسرار التوحيد والعدل ، بحيث ساوى البالغين العاقلين ، بل زاد عليهم ، وذلك دليل على شرف نفسه وعظمها.
الثاني : أنّه حال الصبا كان خاليا من الشكوك وشوائب الطبيعة ونواميس العادة ووسوسة الشيطان ، فيكون إيمانه صادف محلّا نقيا يتمكّن (٢) فيه كما قيل (٣) :
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى |
|
فصادف قلبا خاليا فتمكّنا |
فيكون إيمانه أبلغ وأكمل (٤) من حيث الكيف.
الثالث : لا امتناع في العقل من وجود صبي كامل حصيف في الدين عارف بالأسرار ، وكيف وقد أخبر سبحانه عن عيسى عليهالسلام أنّه قال في المهد : (إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ) (٥) وعن يحيى عليهالسلام (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) (٦) فجاز أن يكون علي عليهالسلام هو ذلك الصبيّ الكامل (٧).
وعن الثالث بالمنع من حصول الشوكة بإسلامه وكونه منتفعا (٨) به ، أمّا الأوّل : فإنّه حال كبره وخلافته بعد معاشرة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، لم يكن له بارقة في خطاب ولا لامعة في ردّ
__________________
(١) وقد صرّح رسول الله صلىاللهعليهوآله في هذا الحديث في ثلاثة مواضع بأنّ أمير المؤمنين عليهالسلام أوّل من آمن وأسلم به ، ورواه الشيخ المفيد (ره) في الإرشاد بإسناده عن أبي هارون قال : أتيت أبا سعيد الخدري ... وعنده علم الأولين والآخرين وهو أول من آمن بي ... الحديث. انظر ص ١٩ ، طبعة تبريز.
(٢) فتمكن فيه ـ خ : (آ).
(٣) شعر ـ خ : (آ).
(٤) أفضل ـ خ : (د).
(٥) مريم ١٩ : ٣٠.
(٦) مريم ١٩ : ١٢.
(٧) هنا تعليق يأتي في آخر الكتاب.
(٨) وكونه محترما ـ خ : (آ).