الزائدة وإلّا لكان بدونها مسلوب الحياة ، ويلزم الافتقار كما قلنا في العلم والقدرة.
ولا يجب البحث عن حقيقة الحياة فيه ؛ لعدم الوصول إلى ذلك ، وإنّما يعتقد المكلّف أنّ ذاته حياة فيترتّب على تلك الذات ما يترتّب على صفة الحياة ، فيجب حمل ما في القرآن والأخبار من وصفه بهذه الصفة على ما قرّر في غيرها من الصفات الذاتية.
وربما قيل في معناها : إنّه واهب الحياة ، كما جاء في العالم أنّه واهب العلم ، وفي القدرة أنّه واهب القدرة لغيره. فعن الباقر عليهالسلام أنّه قال : «هل سمّي الواجب عالما إلّا لأنّه وهب العلم للعلماء والقدرة للقادرين ، وكلّ ما ميّزتموه بأوهامكم في أدقّ معانيه مخلوق مصنوع مثلكم مردود إليكم (١) ، والباري واهب الحياة ومقدّر الموت ، ولعلّ النمل الصغار تتوهّم أنّ لله زبانيين ، فإنّ ذلك كمالها وتتوهّم أنّ عدمهما نقص لمن لا يتّصف بهما ولا يكونان له ، هكذا حال العقلاء فيما يصفون الله تعالى به ، وإلى الله المفزع (٢)».
قال الفاضل الدواني بعد أن نقل هذا الكلام عن إمام الأنام : هذا كلام دقيق رشيق أنيق صدر عن مصدر التحقيق ومورد التدقيق ، والسرّ في ذلك : أنّ التكليف إنّما يتوقّف على معرفة الله تعالى بحسب الوسع والطاقة ، وإنّما كلّفوا بأن يعرفوه بالصفات التي ألفوها وشاهدوها فيهم مع سلب النقائص الناشئة عن انتسابها إليهم ، ولمّا كان الإنسان واجبا لغيره عالما قادرا مريدا حيّا متكلّما سميعا بصيرا ، كلّف بأن يعتقد أنّه تعالى واجب لذاته لا لغيره ، عالم بجميع المعلومات قادر على جميع الممكنات ، مريد لجميع الكائنات ، وهكذا في سائر الصفات ، ولم يكلّف باعتقاد وصف فيه تعالى
__________________
(١) هرچه در فهم تو كنجد كه من آنم نه من آنم |
|
هرچه در خاطرت آيد كه چنانم نه چنانم |
هرچه در فهم تو كنجد همه مخلوق بود آن |
|
بحقيقت تو بدان بنده كه من خالق آنم |
(٢) وإنّما قصرت الأوهام عن إدراك ذاته تعالى وتناهت وانقطعت عن إدراك كنهه تعالى ؛ لأنّ الوهم إنّما يتعلّق بالأمور المحسوسة وذوات الصور والأحياز حتّى أنّه لا يدرك نفسه إلّا ويقدرها ذات مقدار وحجم ، فلو أدرك الوهم ذاته تعالى وكنهه لأدركه في جهة وحيّز ذات مقدار وصورة شخصية متعلّقة بالمحسوس ، وكلّ ذلك في حقّ الواجب المنزّه عن شوائب الكثرة محال.