الوارد في القرآن الكريم وإن فسّره جمع من المفسّرين بأتباع الدين الزردشتي ، ويقال لهم بالفارسية : «گبر» ولكن يمكن أن يكون المراد منه أتباع دين «موگوش» «موغوش» القديم الذي كان هذا اللفظ في الأصل اسما لهم ، ولم يعلم على القطع أنّ المراد منه في القرآن أتباع الدين الزردشتي.
نعم يمكن أن يقال : إنّ إطلاق لفظ «مجوس» في لسان العرب وفي اصطلاح الشرع المقدّس والمتشرعة في الإسلام ينصرف إلى أتباعه ، ومع ذلك يوجد في بعض الروايات الإسلامية والتواريخ التوسّع في استعمال كلمة المجوس في أعمّ من أتباع زردشت وأتباع دين «موگوش» القديم.
ولعلّ ما ذكرناه هو السرّ في إبهام اسم نبيّ المجوس وكتابهم في أكثر الروايات ، والمراد فيها : من أنّه كان لهم نبيّ فقتلوه وكتاب فأحرقوه. هم المجوس ، أعني «موگوش» ، «موغوش» لا المجوس أتباع زرادشت الذي ظهر بعد قرون متطاولة وأراد إصلاح دين المجوس ، وهو ضالّ مضلّ أسّس أساس عبادة النار وبنيان بيوت النيران ، وعمله هذا يكشف عن باطن أمره ، فإنّه لا يصدر عن النبي الحقّ المبعوث من جانب الله تعالى وأتباعه ، بعث الناس إلى عبادة النيران ، وهم الذين قال الصادق عليهالسلام [فيهم] : «إنّ المجوس كفرت بكلّ الأنبياء وجحدت كتبهم وأنكرت براهينهم ولم تأخذ بشيء من سننهم وآثارهم» وعدم كونه من الأنبياء المبعوثين من جانب الله تعالى من المسلّمات في الإسلام وقد ثبت عدم نبوّته ، قال الإمام الرازي في تضاعيف كلماته في كتابه الأربعين ما معناه : إنّه كان كذّابا ساحرا عند المسلمين (١) ، وهو قام بزعمه لإصلاح دين المجوس ، وأتى بكتاب وادّعى أنّه الكتاب الذي آتاه نبي المجوس إليهم ، وأحرقوه ولم يبق منه أثر ، ولذا اشتهر بين علماء الإسلام أنّ لهم شبهة كتاب لا أنّ لهم كتابا سماويا حقيقة ، وألحقهم الإسلام بأهل الكتاب في أخذ الجزية منهم وفي بعض الأحكام.
قال العلّامة المجلسي الأوّل قدسسره في شرحه الفارسي على كتاب من لا يحضره
__________________
(١) كتاب الأربعين ، ص ٣٠٧ ، طبعة حيدرآباد.