الفقيه للشيخ الصدوق (ره) ـ بعد أن نقل أنّ المجوس كان لهم نبيّ فقتلوه وأتاهم نبيّهم بكتاب فأحرقوه ـ ما هذا تعريبه ملخصا : «المشهور أنّ المجوس لمّا أحرقوا ذلك الكتاب جاء إبراهيم زردشت وصنّف لهم ال «زند» ولما كان معضلا فكتب له شرحا وسمّاه «با زند» وقال : إنّ الكتاب الذي أحرقتموه هو هذا الكتاب ، والمجوس يعملون بهذين الكتابين بتوهّم أنّه كتاب سماوي».
وهو كلام متين مستفاد مجموع الروايات والتواريخ الإسلامية ، وأما تسمية زرادشت بإبراهيم فهو من أوهام المجوس بادّعاء أنّه إبراهيم الخليل عليهالسلام وهو أسطورة واضحة وغلط فاحش ، فإنّ إبراهيم عليهالسلام كان قبل زردشت بقرون كثيرة ، فإنّه ظهر على القول المعتمد في القرن السابع قبل الميلاد على حين أنّ إبراهيم الخليل عليهالسلام كان ظهوره حوالي القرن السابع عشر قبل الميلاد أي قبل زردشت بنحو عشرة قرون. وقد أباد الدهر تاريخ زردشت ونسف آثاره ولم يعلم تاريخه وحالاته على التحقيق ، وما هو معلوم من حالاته مشحونة من الأساطير كما هو ظاهر لمن تتبّع التواريخ وأمعن النظر فيها. أنظر إلى دائرة المعارف للبستاني ، وهو المؤرّخ المنصف حتّى تجد صدق ما قلناه ، ولأهل الكتاب في حقّه رأي خاص مذكور في مظانّه ، ولا شكّ أنّه قائل بخالقين اثنين وبالتثليث على التحقيق. وأيضا لا شكّ أنّ المجوس ليسوا من أهل الكتاب حقيقة وإنّما يطلق عليهم بعضا مجازا لإلحاقهم بأهل الكتاب في بعض الأحكام ، وما يلهج به بعض المغرضين في عصرنا من أنّ القرآن الكريم ذكر المجوس في رديف أهل الكتاب ، فهم من أهل الكتاب ، بطلانه أوضح من أن يذكر ؛ فإنّه لا دلالة في الآية القرآنية بإحدى الدلالات على ذلك أصلا ، وقد فصلنا وحقّقنا هذه المطالب بما لا مزيد عليه في كتابنا فصل الخطاب في تحقيق أهل الكتاب ـ مخطوط ـ ونسأل الله تعالى التوفيق لطبعه ونشره ليعمّ نفعه إن شاء الله تعالى ولا يتيسّر لنا طبعه إلّا بعد أن يخلّصنا الله تعالى من أيدي الظالمين والله الموفق.
وممّا هو جدير بالذكر أنّ القارئ العزيز إن شاء أن يتّضح لديه ، أنّ لفظ المجوس استعمل في كلمات أهل اللسان العربي المبين من المؤرّخين وغيرهم في المعنى العامّ من