[الكلام في الصفات السلبيّة]
[في استحالة رؤيته تعالى]
قال :
وأمّا (١) الصفات السلبيّة فمنها : أنّه يستحيل رؤيته لأنّ الرؤية إنّما تكون للمقابل أو في حكمه كالعرض بالضرورة (٢) وهما منفيان عنه تعالى.
أقول :
اختلف الناس في أنّ الله تعالى هل يصحّ أن يرى؟ فذهبت المعتزلة والأوائل إلى امتناع ذلك (٣) ، وذهبت المجسّمة إلى جواز ذلك ، وهو مذهب الأشاعرة (٤) ، فهما وإن اتّفقا على هذا الحكم ، لكن بينهما اختلاف في المعنى ، فإنّ المشبّهة إنّما جوّزوا رؤيته (٥) لكونه تعالى جسما ، تعالى الله عن ذلك ، والأشاعرة جوّزوا رؤيته وإن كان غير جسم (٦) ، وهذا لم يذهب إليه ذاهب غيرهم.
والدليل على امتناع رؤيته تعالى المعقول والمنقول ، أمّا المعقول (٧) فوجهان :
الأوّل : أنّ الرؤية إنّما تكون للمقابل أو في حكم المقابل ، ونعني بحكم المقابل العرض والصورة المرئيّة في المرآة ، والله تعالى ليس مقابلا ولا في حكم المقابل ،
__________________
(١) في «أ» «ب» «ف» : (ومن).
(٢) في «ب» «ج» : (والصورة).
(٣) المغني في أبواب العدل والتوحيد (رؤية الباري) : ٨٩.
(٤) المطالب العالية في العلم الإلهي ٢ : ٨١.
(٥) في «س» : (ذلك).
(٦) المطالب العالية في العلم الإلهي ٢ : ٨٥.
(٧) (أمّا المعقول) لم ترد في «أ» «ج».