فيرجع النزاع لفظياً. فافهم (دفع وهم) لا يخفى انه ليس غرض الأصحاب والمعتزلة من نفي غير الصفات المشهورة وأنه ليس صفة أخرى قائمة بالنفس كانت كلاماً نفسياً مدلولا للكلام اللفظي كما يقول به الأشاعرة أن هذه الصفات المشهورة مدلولات للكلام «فان قلت» : فما ذا يكون مدلولا عليه عند الأصحاب والمعتزلة «قلت» : أما الجمل الخبرية فهي دالة على ثبوت النسبة بين طرفيها أو نفيها في نفس الأمر من ذهن أو خارج
______________________________________________________
(١) متعلق بالمغايرة والانفكاك (٢) (قوله : فيرجع النزاع لفظياً فافهم) لعله إشارة إلى امتناع كون النزاع لفظياً وتوضيحه : انه لا خلاف ظاهرا في انه سبحانه متكلم وانما الخلاف في المراد من كلامه وفي انه حادث أو قديم فالمحكي عن المعتزلة والحنابلة والكرامية ان كلامه أصوات وحروف وان اختلفوا في انه قائم بغيره لا بذاته كما يقول المعتزلة أو بذاته كما يقول الحنابلة والكرامية ، وعن الأشاعرة ان كلامه ليس من جنس الأصوات والحروف بل معنى قائم بذاته يسمى الكلام النفسيّ ، ثم المحكي عن المعتزلة والكرامية أنه حادث وعن الأشاعرة والحنابلة أنه قديم فمذهب الأشاعرة في الكلام انه معنى قائم بذاته تعالى قديم وحيث تعذر عليهم تفسيره بالعلم والإرادة والكراهة ونحوها ضرورة انها ليست كلاما اضطروا إلى تفسيره في الخبر بالنسبة وفي الإنشاء بالطلب والمنع ونحوهما فالطلب عندهم صفة قائمة بذاته سبحانه قديم فلا مجال لأن يريدوا به الطلب الإنشائي إذ ليس هو من صفات النّفس ولا هو قديم (٣) (قوله : المشهورة) وهي العلم والإرادة وأخواتهما مما تقدمت إليه الإشارة (٤) (قوله : ان هذه الصفات) خبر ليس الأولى (٥) (قوله : اما الجمل الخبرية فهي دالة) قد تقدم سابقا انه لا اختلاف بين الخبر والإنشاء في المعنى فالمعنى المدلول عليه بالخبر هو المعنى المدلول عليه بالإنشاء وانما الاختلاف بينهما في كيفية الاستعمال ، فالخبر يستعمل في معناه بقصد حكايته عنه والإنشاء يستعمل في معناه بقصد إيجاده فمعنى زيد حر خبرا وإنشاء واحد فما يدل