فتفطن (التاسع) أنه قد عرفت أن المعتبر في هذا الباب ان يكون كل واحد من الطبيعة المأمور بها والمنهي عنها مشتملة على مناط الحكم مطلقاً حتى في حال الاجتماع فلو كان هناك ما دل على ذلك من إجماع أو غيره فلا إشكال ولو لم يكن الا إطلاق دليلي الحكمين ففيه تفصيل وهو أن الإطلاق لو كان في بيان الحكم الاقتضائي لكان دليلا على ثبوت المقتضي والمناط في مورد الاجتماع فيكون من هذا الباب ولو كان بصدد الحكم الفعلي فلا إشكال في استكشاف ثبوت المقتضي في الحكمين على القول بالجواز إلّا إذا علم إجمالا بكذب أحد الدليلين فيعامل معهما معاملة المتعارضين (وأما) على القول بالامتناع فالإطلاقان متنافيان من غير دلالة على ثبوت المقتضي للحكمين في مورد الاجتماع أصلا فان انتفاء أحد المتنافيين كما يمكن أن يكون لأجل المانع مع ثبوت المقتضي له يمكن ان يكون لأجل انتفائه (إلا) أن يقال : إن
______________________________________________________
للترجيح بينهما في مقام الإثبات عرفا (١) (قوله : فتفطن) يمكن أن يكون إشارة إلى أن الجمع العرفي يتوقف على كون أحدهما أظهر من الآخر ومجرد كون أحدهما أقوى مناطاً من الآخر لا يجدي في كونه أقوى ظهوراً (٢) (قوله : أو غيره) يعني مما يوجب العلم بثبوت المناط فيهما أما لو كان ظناً جاء فيه ما يأتي في الإطلاق (٣) (قوله : فلا إشكال) يعنى في دخوله في مسألة الاجتماع (٤) (قوله : متنافيان) لامتناع صدقهما معاً على القول بالامتناع (٥) (قوله : من غير دلالة) يعني مع التنافي المذكور (٦) (قوله : فان انتفاء) بيان لوجه عدم الدلالة مع التنافي يعني إذا علم بكذب أحدهما في دلالته على الحكم الفعلي لانتفاء الحكم الفعلي في أحدهما جاز أن يكون المقتضي في كل منهما موجوداً مع انتفاء مجرد الفعلية في أحدهما وجاز أن لا يكون المقتضي في أحدهما موجوداً ولا معين لأحد الاحتمالين فلا يمكن إدخال الفرض في مسألة الاجتماع (أقول) : كل واحد من الإطلاقين إذا كان دالاً على فعلية الحكم بالمطابقة فقد دل على ثبوت المناط بالالتزام والتنافي بين الدليلين في دلالتهما على الفعلية إنما يوجب سقوطهما عن الحجية في إثبات فعلية