وإنما ذهب إليه بعض من تأخر ، ولعله لتوهم كون قصده بما هو في غيره من خصوصيات الموضوع له أو المستعمل فيه ، والغفلة عن أن قصد المعنى من لفظه على أنحائه لا يكاد يكون من شئونه وأطواره ، وإلا فليكن قصده بما هو هو وفي نفسه كذلك ، فتأمل في المقام فانه دقيق وقد زل فيه اقدام غير واحد من أهل التحقيق والتدقيق (الثالث) صحة استعمال اللفظ فيما يناسب ما وُضع له هل هو بالوضع أو بالطبع؟ وجهان ، بل قولان أظهرهما أنه بالطبع ، بشهادة الوجدان بحسن الاستعمال فيه ولو مع منع الواضع عنه ، وباستهجان الاستعمال فيما لا يناسبه ولو مع ترخيصه ، ولا معنى لصحته إلا حسنه ، والظاهر أن صحة استعمال اللفظ في نوعه أو مثله من قبيله كما تأتي الإشارة إلى تفصيله (الرابع) لا شبهة في صحة إطلاق اللفظ وإرادة نوعه به كما إذا قيل : ضرب مثلا فعل ماض أو صنفه كما إذا قيل : زيد في (ضرب زيد) فاعل ، إذا لم يُقصد به شخص القول ،
______________________________________________________
للجزئية الذهنية (١) (قوله : وإنما ذهب إليه) قد عرفت أنه الظاهر من الاستعمالات العرفية في الحروف والضمائر وأسماء الإشارة والموصولات. نعم لو لا ذلك كان المتعين القول بان الموضوع له فيها عام حيث يدور الأمر بين ان يكون كذلك وان يكون خاصاً إذ الثاني يحتاج إلى عناية لا داعي إليها والله سبحانه أعلم (٢) (قوله : لتوهم كون) بل لما عرفت مما لا مجال لدعوى غيره (٣) (قوله : بل قولان) المحكي عن الجمهور هو الأول لكنه نوعي ولم يتضح وجهه غير القياس على الحقيقة وفي إثبات مثله لذلك ولا سيما مع الفارق لتوقف الحقيقة على الوضع والاكتفاء بالمناسبة في المجاز وهي ذاتية منع واضح (٤) (قوله : من قبيله) يعني بالطبع (٥) (قوله : كما إذا قيل) في كونه من المستعمل في نوعه تأمل إذ المحكي به اللفظ الدال على الحدث ولا ينطبق على الحاكي كما سيظهر من آخر عبارة المتن ، ولو قال بدله : ضرب كلمة ، لكان أجود ، وكذا الحال في المثال الثاني ولو قال بدله : زيد في ضرب مرفوع ، لكان مما استعمل في