فكيف تتخلف عن المراد؟ ولا يكاد يتخلف (إذا أراد الله شيئاً يقول له كن فيكون) (واما الدفع) فهو ان استحالة التخلف إنما يكون في الإرادة التكوينية
______________________________________________________
الّذي هو عين الإرادة (١) (قوله : تتخلف عن) لكون المفروض عدم تحقق المراد (٢) (قوله : في الإرادة التكوينية) الإرادة التكوينية والتشريعية من سنخ واحد وانما الاختلاف في كيفية التعلق بالمراد (وتوضيح ذلك) : ان الوجود إذا كان له مقدمات يتوقف على كل واحدة منها فكل واحدة من المقدمات لها دخل في جهة من جهات ذلك الوجود ولو كانت دخيلة في جهة واحدة امتنع ان تكون مقدمات متعددة بل كانت مقدمة واحدة ، ثم المصلحة الداعية إلى إرادة الوجود المذكورة قد تكون بحيث تقتضي حفظ الوجود من جميع الجهات وبلحاظ جميع المقدمات وقد تكون بحيث تقتضي حفظه بلحاظ جهة دون جهة ، فان كانت المصلحة على النحو الأول اقتضت تعلق الإرادة به من جميع الجهات بحيث ينشأ من تلك الإرادة النفسيّة إرادة غيرية بعدد المقدمات تتعلق كل واحدة من الإرادات بواحدة من المقدمات ، وان كانت على النحو الثاني اقتضت تعلق الإرادة به من الجهة الخاصة دون غيرها فينشأ من تلك الإرادة النفسيّة إرادة غيرية تتعلق بالمقدمة الحافظة للوجود من تلك الجهة لا غير ، وحيث ان صدور الفعل من المكلف في فرض عدم الداعي النفسيّ إليه يتوقف على أمور : (منها) تشريع الحكم الشرعي وجعله ، (ومنها) علم المكلف به الموجب لحدوث الداعي العقلي إلى فعله ، (ومنها) عدم مزاحمة الداعي العقلي بالدواعي الشهوية إلى خلافه ، كان تشريع الحكم من مقدمات وجود الفعل من المكلف ووجوده حافظ لبعض جهات وجود الفعل وكانت إرادة الشارع المتعلقة بالفعل بلحاظ جهة وجوده من حيث التشريع إرادة له تشريعية ، فالإرادة التشريعية هي إرادة الشيء بلحاظ وجوده من حيث التشريع وتقابلها الإرادة التكوينية وهي المتعلقة بالفعل من جميع جهات وجوده وكونه ، ومنه يظهر أن امتناع تخلف المراد عن الإرادة إنما هو في المراد بالإرادة التكوينية لا التشريعية إذ الثانية لم تتعلق بالمراد من جميع جهات وجوده وإنما تعلقت به من