(الأمر الثاني) قد مرّ في بعض المقدمات أنه لا تعارض بين مثل الخطاب (صلِّ) وخطاب (لا تغصب) على الامتناع تعارض الدليلين بما هما دليلان حاكيان كي يقدم الأقوى منهما دلالة أو سندا ، بل إنما هو من باب تزاحم المؤثرين والمقتضيين
______________________________________________________
بها لامتناع الأمر بالضدين ولو مع البناء على عدم اقتضاء أحدهما النهي عن الآخر (وفيه) ـ مضافا إلى ما عرفت من أن الغلبة إنما تقتضي سقوط النهي مع عدم المندوحة ، عدم ثبوت غلبة ملاك الأمر والإجماع على صحة صلاة المحبوس في المكان المغصوب لو اقتضى الغلبة أمكن الاقتصار على مورده وعدم التعدي عنه إلى غيره وإلّا جاز الغصب مقدمة لتحصيل الصلاة التامة ولا يظن الالتزام به من أحد بل عرفت حكاية الإجماع مستفيضا على بطلان الصلاة في المغصوب اختياراً مع العلم بالغصب فتأمل وللكلام مقام آخر
(التنبيه الثاني)
(١) (قوله : لا تعارض بين مثل خطاب صلِّ ... إلخ) ليعلم ان مقتضيات الأحكام (تارة) تكون غير متنافية مثل مقتضي حرمة شرب الخمر ومقتضى وجوب الصلاة (وأخرى) تكون متنافية ، والمتنافية (تارة) تكون في موضوع واحد (وأخرى) تكون في موضوعين (والمتنافية) في موضوعين (تارة) يكون الموضوعان متميزين في الوجود كباب الضدين (وأخرى) لا يكونان كذلك كباب اجتماع الأمر والنهي ـ بناء على الجواز ـ ثم ان المقتضيين المتنافيين في موضوع واحد إذا كان أحدهما أقوى من الآخر كان التأثير له في تحقق ملاك الحكم دون الآخر ـ ونعني من الملاك بلوغ المقتضي حدا يوجب ترجح الوجود على العدم أو ترجح العدم على الوجود ـ وإذا كانا متكافئين في القوة والضعف سقطا معا عن التأثير في تحقق ملاكي الحكمين لئلا يلزم الترجيح بلا مرجح والدليلان الدالان على الحكمين في كلتا الصورتين متعارضان للعلم بكذب أحدهما في الدلالة على ثبوت الحكم في مقام الجعل لأن ثبوت الحكم الثبوتي في مقام الجعل