والناس معادن كمعادن الذهب والفضة ـ كما في الخبر ـ والذاتي لا يُعلل فانقطع سؤال انه لم جعل السعيد سعيداً والشقي شقياً ، فان السعيد سعيد بنفسه والشقي شقي كذلك ، وإنما أوجدهما الله تعالى (قلم اينجا رسيد وسر بشكست) قد انتهى الكلام في المقام إلى ما ربما لا يسعه كثير من الإفهام ومن الله الرشد والهداية وبه الاعتصام (وهم ودفع) لعلك تقول إذا كانت الإرادة التشريعية منه تعالى عين علمه بصلاح الفعل لزم ـ بناءً على أن تكون عين الطلب ـ كون المنشأ بالصيغة في الخطابات الإلهية هو العلم وهو بمكان من البطلان ، لكنك غفلت
______________________________________________________
الآخرة على المعصية ليس ناشئا عن الاستحقاق حتى يتوجه الإشكال المذكور من عدم الاستحقاق على ما لا يكون بالاختيار بل هو من اللوازم الذاتيّة لها ، وحينئذ فيكون وجودها علة وجوده فيترتب عليها ترتب المعلول على علته (أقول) : الإشكال المذكور ان تم كان مانعاً عن حسن التكليف أيضا ولا يختص منعه بحسن العقاب إذ التكليف والعقاب توأمان لا يحسن أحدهما في ظرف قبح الآخر فإذا كان مجرد كون الفعل اختياريا موجبا لحسن التكليف كان موجبا لحسن العقاب. مضافا إلى ان اندفاع الإشكال بما ذكره (قدسسره) يوجب ثبوت الإشكال في حسن العقاب بالنسبة إلى الموالي العرفية إذ لا مجال لدعوى كون عقابهم للعبد كان من جهة الملازمة الذاتيّة بينه وبين المعصية كما هو ظاهر إذ لا ريب في كونه فعلا اختياريا للموالي ناشئا عن ترجيح وجوده على عدمه ، مع ان دعوى كون العقاب في الآخرة كذلك خلاف ظاهر الآيات والروايات بل لعله خلاف المرتكزات الضرورية الإسلامية (فالأولى) ان يقال : إن إرادة العبد لو كانت مخلوقة فيه بلا توسط العقل والقدرة تم الإشكال ، بل لم يحسن التكليف أيضا كما هو الحال في افعال الصبيان والمجانين والحيوانات كافة أما لو كانت بتوسط العقل والقدرة فلا مانع عقلا من حسن التكليف ، ولا من حسن العقاب على مخالفته والرجوع إلى العقلاء أوضح شاهد بما ذكرناه (١) (قوله : هو العلم) لأن المنشأ فيها هو الطلب وهو عين العلم بمقتضى قياس المساواة