زيد قائم ، فان مفهوم كل من زيد وقائم يحضر في الذهن على ربط خاص يعبَّر عنه في كلامهم بالنسبة الحملية ، وكما إذا سمعنا قوله : قام زيد ، فان مفهوم كل من قام وزيد يحضر في الذهن على ربط خاص يعبر عنه بالنسبة الصدورية مثلا ، وهكذا الحال في جميع الجمل فان لمفرداتها ارتباطا خاصا فيما بينها ربما يعبر عنه بعبارة تخصه ، وربما لا يكون كذلك ، وهذا الربط اعتبار محض يكون تحت لحاظ الذهن إلا أنه يختلف لحاظه مع لحاظ كل من طرفيه ، فان كلاً من زيد ، وقائم في المثال الأول ملحوظ في نفسه في قبال صاحبه وليس كذلك حال الربط فانه ملحوظ تبعاً لا استقلالاً ، ونظيره في المحسوسات أن تنظر إلى نقطة في الكتاب فتقول : هي أحسن من غيرها ، فانك في حال النّظر إلى النقطة ترى ما حولها من الكلمات والسطور ، ولكنَّ النظرين يختلفان فان نظر النقطة أصلي ونظر ما حولها تبعي ، وكذلك حال الرّبط المعبر عنه بالإضافة والنسبة فان لحاظه ليس كلحاظ طرفيه بل لحاظه تبعي ولحاظهما أصلي ، وهذا هو المراد من كونه غير مستقل بالمفهومية ؛ وكذا كونه في غيره ، فإذا المعنى الحرفي ما كان لحاظه تبعياً على النحو المذكور فلو لوحظ الربط المذكور بالأصالة والاستقلال خرج عن كونه معنىً حرفياً وصار معنى اسمياً فلو قلت : نسبة القيام إلى زيد حملية أو صدورية ، كان ما يحكي عنه لفظ النسبة معنىً اسمياً لا حرفيا بل المعنى الحرفي هو الربط الخاصّ القائم بين النسبة والقيام يعبر عنه بالنسبة الإضافية ، وأوضح ما قيل في تعريفه : إنه ما يكون ملحوظاً بنحو لا يصح الحكم عليه ولا به ، بخلاف الاسم فانه يكون ملحوظاً بنحو يصح الحكم عليه وبه ، ولعل هذا هو مراد المصنف (قده) في قوله : لوحظ حالة لمعنى آخر ، وأنه في الذهن لا يكون إلا في مفهوم آخر كالعرض الّذي لا يكون في الخارج إلا في الجوهر لا ما قد يُتراءى من العبارة ، وإلا فجميع النسب لا تكون في الذهن إلا كذلك ولو لوحظت بذاتها مستقلة ـ مع أنها بذلك تكون معاني اسمية قطعاً يصح الحكم عليها وبها ضرورةً ، وكذا لعله أيضا مراد من قال : انه ما يكون عبرة لملاحظة حال الغير ، وإلا فربما يكون المفهوم الاسمي آلة لملاحظة