كما هو أوضح من ان يخفى فلا بد للتعيين من دليل آخر ولا مجال لاستصحاب الجواز إلا بناءً على جريانه في القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلي وهو ما إذا شُك في حدوث فرد كلي مقارنا لارتفاع فرده الآخر وقد حققنا في محله أنه لا يجري الاستصحاب فيه ما لم يكن الحادث المشكوك من المراتب القوية أو الضعيفة المتصلة بالمرتفع بحيث عُدَّ عرفا ـ لو كان ـ أنه باق لا أنه أمر حادث غيره ومن المعلوم ان كل واحد من الأحكام مع الآخر عقلاً وعرفا من المباينات والمتضادات غير الوجوب والاستحباب فانه
______________________________________________________
(نسخ الوجوب)
(١) (قوله : هو أوضح) لوضوح عدم المنشأ للدلالة المذكورة أما في الناسخ فظاهر وأما في المنسوخ فلأنه وان دل على الجواز لكن خصوص الجواز المتحصل بالوجوب فبعد ارتفاع الوجوب لا يكون الجواز على تقدير ثبوته متحصلا بالوجوب بل بغيره فلا يدل عليه (٢) (قوله : لا مجال لاستصحاب) يعني قد يتوهم أنه بعد سقوط الأدلة عن الحجية لعدم الدلالة يرجع إلى الأصل العملي وهو الاستصحاب فان الفعل حين كان واجباً كان جائزاً فإذا ارتفع وجوبه يشك في ارتفاع جوازه فيستصحب ولكنه مندفع بأن الجواز لا يثبت إلا في ضمن أحد الأحكام الأربعة غير التحريم والأحكام الأربعة متباينات فإذا كان ثابتا في ضمن الوجوب وعلم بارتفاع الوجوب واحتمل ثبوت الجواز في ضمن الإباحة مثلا فقد علم بارتفاع الوجود الأول للكلي وشُك في وجود آخر له مقارن لارتفاع الأول وهذا هو القسم الثالث من أقسام الشك في وجود الكلي المحقق فيما يأتي إن شاء الله عدم جريان الاستصحاب فيه لأنه مع تعدد الوجود لا يصدق الشك في البقاء الّذي هو مجرى الاستصحاب (٣) (قوله : وهو ما إذا) تفسير للقسم الثالث لكن سيجيء أن له صورة أخرى (٤) (قوله : من المراتب القوية) كما لو كان الثوب ضعيف