ضرورة أن الأمر في : جاء زيد لأمر كذا ، ما استعمل في معنى الغرض بل اللام قد دلت على الغرض. نعم يكون مدخوله مصداقه (فافهم) وهكذا الحال في قوله تعالى : (فلما جاء أمرنا) يكون مصداقا للتعجيب لا مستعملاً في مفهومه وكذا في الحادثة والشأن ، وبذلك ظهر ما في دعوى الفصول من كون لفظ الأمر حقيقة في المعنيين الأولين ولا يبعد دعوى كونه حقيقة
______________________________________________________
لو على قدر ما يحاول قلبي |
|
طلبي لم يقر في الغمد عضبي |
ولم يستعمل في الكتاب الجيد الا في ذلك فلا يبعد أن يكون المصحح لاستعماله في الأمر كون الأمر نحواً من السعي نحو المأمور به ، وعليه فعد الطلب من معاني الأمر يكون من قبيل اشتباه المفهوم بالمصداق ، اللهم إلّا أن يكون الاستعمال فيه بلغ حد الحقيقة التعينية فتأمل. ثم انه يشكل جعل الطلب من معاني الأمر من جهة اختلاف المتعلقات الكاشف عن اختلاف المعنى فيقال ـ : طلب منه كذا ؛ ولا يقال ـ : أمر منه كذا ، ويقال : أمرته بكذا ؛ ولا يقال : طلبته بكذا (١) (قوله : ضرورة أن الأمر) تعليل لكون عد المعاني المذكورة من اشتباه المصداق بالمفهوم وحاصل مراده ان عد الشيء معنى للفظ يقتضي كون اللفظ مستعملا فيه ، وليس الحال في المعاني المذكورة كذلك فان لفظ الأمر لم يستعمل في مفهوم الغرض أو الفعل العجيب أو غيرهما وانما هو مستعمل في معنى واحد يكون مصداقا للغرض تارة وللفعل العجيب أخرى ... وهكذا ؛ كما أن معنى زيد تارة يكون مصداقا لمفهوم العالم ، وأخرى مصداقا لمفهوم العادل ... وهكذا ؛ ولا يصح عد العالم والعادل من معاني زيد (٢) (قوله : مصداقه فافهم) يمكن أن يكون إشارة إلى أن اللام قد تدخل على نفس المصداق وقد تدخل على نفس المفهوم المضاف إلى مصداقه كما تقول : جئتك لغرض كذا ، فالأمر في المقام مستعمل استعمال لفظ الغرض بقرينة إضافته إلى (كذا) نعم قولك : جئتك لأمر ، مستعمل في المصداق. فتأمل (٣) (قوله : في الحادثة والشأن) كان الأنسب عطف الفعل عليهما لوحدة الجميع