ومن ذلك يظهر أن الدوام والاستمرار إنما يكون في النهي إذا كان متعلقه طبيعة مطلقة
______________________________________________________
عدم فرد بل لا بد من عدم جميع الافراد إذ لو وُجد بعض الافراد وعُدم البعض الآخر فصدق وجود الطبيعة وعدمها لزم اجتماع النقيضين فلا بد اما ان لا يصدق على وجود الفرد أنه وجود للطبيعة أو يصدق ولا يكون عدمها الا بعدم جميع الافراد وحيث انه يصدق ضرورة فلا يكون عدم الطبيعة الا بعدم تمام افرادها فيكفي في امتثال الأمر وجود واحد للطبيعة ولا يكفي في امتثال النهي الا ترك جميع الافراد ليتحقق عدمها (أقول) : حيث عرفت أن النهي ـ مادة وهيئة ـ دال على كراهة الطبيعة فمقتضى إطلاقه كراهة كل فرد فيقتضي الزجر عن كل فرد ولا يتحقق امتثاله إلا بترك كل فرد (١) (قوله : ومن ذلك يظهر) يعني إذا ثبت أن عدم الطبيعة انما يكون بعدم جميع الافراد فإذا كان النهي متعلقا بالطبيعة مطلقا من دون تقييد لها بزمان بعينه كان مقتضى إطلاقها إرادة ما يعم الافراد الدفعيّة والتدريجية فعدمها إنما يكون بعدم جميع أفرادها الدفعيّة والتدريجية فلا يتحقق امتثال النهي إلا بترك جميع الافراد الدفعيّة والتدريجية وهذا عين الدوام والاستمرار (أقول) : إذا كان المطلوب بالنهي عدم الطبيعة فعدم الافراد الدفعيّة والتدريجية حاصل في الزمان الأول فالترك في أول الأزمنة ترك لجميع الأفراد المذكورة فيكون امتثالا للنهي ومسقطا له فلا موجب للاستمرار ، بل التحقيق ما عرفت الإشارة إليه من أن مادة النهي وهيئته حاكيتان عن الكراهة وكراهة الطبيعة المطلقة كراهة لجميع افرادها فإذا كان إطلاق الطبيعة يقتضي شمول الافراد الدفعيّة والتدريجية فالكراهة لها تقتضي كراهة جميع الافراد الدفعيّة والتدريجية فيتوقف امتثال النهي على ترك الافراد في تمام الأزمنة لأن كل ما يفرض من الافراد في الأزمنة اللاحقة معروض للكراهة ففعله مخالفة وتركه موافقة للنهي (وان شئت) قلت : مادة النهي مفادها الزجر فالإطلاق يقتضي الزجر عن الطبيعة المطلقة والزجر عن المطلق زجر عن جميع افراده فالأفراد التدريجية إذا كانت افراداً