والطلب (فاسد) فان الترك أيضا يكون مقدوراً وإلّا لما كان الفعل مقدوراً وصادراً بالإرادة والاختيار وكون العدم الأزلي لا بالاختيار لا يوجب ان يكون كذلك بحسب البقاء والاستمرار الّذي يكون بحسبه محلا للتكليف (ثم) إنه لا دلالة لصيغته على الدوام والتكرار كما لا دلالة لصيغة الأمر وان كان قضيتهما عقلا تختلف ولو مع وحدة متعلقهما بأن يكون طبيعة واحدة بذاتها وقيدها تعلق بها الأمر مرة والنهي أخرى ضرورة أن وجودها يكون بوجود فردٍ واحد وعدمها لا يكاد يكون إلا بعدم الجميع كما لا يخفى
______________________________________________________
أثراً للقدرة مترتباً عليها فان العدم لا يترتب على الوجود كيف والعدم الأزلي سابق على القدرة فكيف يستند إليها مع حدوثها وتأخرها (١) (قوله : فان الترك أيضا) حاصله ان نسبة القدرة إلى الوجود والعدم نسبة واحدة بمعنى انه إذا كان أحدهما مقدوراً لا بد ان يكون الآخر كذلك والقدرة على أحدهما خاصة دون الآخر اضطرار لا قدرة ، فإذا اعترف المستدل بأن الوجود مقدور لزمه الاعتراف بأن العدم كذلك ؛ فيصح كونه مورداً للتكليف ، ومنشأ هذا التوهم تخيل أن اعتبار القدرة عقلاً في متعلق التكليف بمعنى لزوم كونه أثراً للقدرة وليس كذلك بل بمعنى كونه أحد عدلي القدرة وان كان تأثيرها يختص بأحدهما وهو الوجود ، وأما ما في الفصول من أن دعوى أن العدم المحض لا يصلح أثراً للقدرة مصادرة ... إلخ فغير ظاهر (٢) (قوله : بحسب البقاء) فان العدم بحسبه عدم للقدرة وان لم يكن الأزلي كذلك (٣) (قوله : ضرورة ان وجودها) قد عرفت أن الحصص المتكثرة وجوداً لما كانت مجتمعة تحت وحدة مشتركة بينها هي الطبيعة فكل وجود من تلك الوجودات يصح أن يضاف إلى الجهة الواحدة كما يصح أن يضاف إلى الحصة الخاصة فوجود زيد وجود لحصة من الإنسان ووجود للإنسان الطبيعي ولأجل ذلك صار يكفي في وجود الطبيعة وجود فرد ولا يكفي في عدمها