تابع لترجح الوجود على العدم في نظر الجاعل وثبوت الحكم العدمي في مقام الجعل تابع لترجح العدم على الوجود في نظره ومن الواضح امتناع اجتماعهما فيمتنع جعل الحكمين معا على طبقهما ، فإذا دل الدليلان على ثبوتهما معا فقد علم بكذب أحدهما ، وهذا هو مناط التعارض (مثلا) شرب الخمر واجد لمصلحة ومفسدة لكن مفسدته أكبر من مصلحته كما ذكر في الكتاب الكريم : (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) وإذ كانت مفسدته أقوى من مصلحته كان عدمه أرجح من وجوده وهذا هو ملاك الحرمة فكان المجعول هو حكم الحرمة لا غير إذ لا ملاك فيه إلا ملاك الحرمة فلو فرض قيام دليل على وجوب شرب الخمر كان ـ لا محالة ـ معارضا لدليل الحرمة لا مزاحما وعلى هذا فالفارق بين التزاحم والتعارض ليس مجرد إحراز المقتضي للحكمين اللذين يدل عليهما الدليلان وعدمه بل الفارق بينهما إحراز الملاك في كل من الحكمين وعدمه فإذا أحرز الملاكان كانا متزاحمين وإذا لم يحرز الملاكان كانا متعارضين وان أحرز المقتضيان للحكمين. ومنه يظهر ان مناط التعارض هو التكاذب في مقام الحكاية عن ثبوت ملاكات الأحكام وان أحرزت المقتضيات وليس مناطه التكاذب في مقام الحكاية عن ثبوت مجرد المقتضيات من دون ان تبلغ حدود الملاكات كي يكون المورد الّذي تحرز فيه المقتضيات من باب التزاحم لا التعارض. ومنه يظهر ان مورد اجتماع الأمر والنهي ـ بناء على الامتناع ـ من موارد باب التعارض لا التزاحم لتكاذب الدليلين في مقام الحكاية عن وجود الملاكين في مجمع العنوانين وقد تقدم منا ان تضاد الأحكام إنما هو لتضاد ملاكاتها حقيقة ونسبة التضاد إليها أنفسها بالعناية والمجاز أما التزاحم فمناطه التكاذب في مقام الدلالة على ما زاد على الملاك كما في باب الضدين وباب الاجتماع ـ بناء على الجواز ـ وكذا كل مورد كان المانع من ثبوت الحكمين معا قصور المكلف وعجزه بلا قصور في الملاك بل الملاك تام الملاكية. هذا هو المفهوم من كلمات الأصحاب في مقام التفرقة بين باب التعارض وباب التزاحم. ومنه يظهر ان ما ذكره المصنف (ره)