أو أكمليته ، والكل ـ كما ترى ـ ضرورة أن الاستعمال في الندب وكذا وجوده ليس بأقل لو لم يكن بأكثر ، وأما الأكملية فغير موجبة للظهور إذ الظهور لا يكاد يكون إلا لشدة أنس اللفظ بالمعنى بحيث يصير وجهاً له ومجرد الأكملية لا يوجبه كما لا يخفى (نعم) فيما كان الآمر بصدد البيان فقضية مقدمات الحكمة هو الحمل على الوجوب فان الندب كأنه يحتاج إلى مئونة بيان التحديد والتقييد بعدم المنع من الترك بخلاف الوجوب فانه لا تحديد فيه للطلب ولا تقييد فإطلاق اللفظ وعدم تقييده مع كون المطلق في مقام البيان كافٍ في بيانه فافهم (المبحث الخامس)
______________________________________________________
بأن يكون الندب مع قلة وجوده يكون استعمال الصيغة فيه أكثر للتأكيد (١) (قوله : أو أكمليته) هذا مبني على ما هو المشهور بين المتأخرين من أن المائز بين الوجوب والاستحباب هو المائز بين الضعيف والقوي لأن الوجوب هو الطلب الأكيد والاستحباب هو الطلب الضعيف ، لكن عرفت ان ليس المائز بينهما إلا الترخيص في المخالفة وعدمه فالطلب غير المرخص في مخالفته منتزع منه الوجوب عقلاً والطلب المرخص في مخالفته منتزع منه الاستحباب كذلك فالطلب الحقيقي وان كان ذا مراتب مختلفة متفاوتة بتفاوت الدواعي في القوة والضعف إلا أن الضعيف منه ينتزع الوجوب عقلا من مقام إظهاره إذا لم يكن ترخيص في مخالفته ومجرد ضعفه لا يكون عذراً للعبد في مخالفته في نظر العقل (٢) (قوله : إذ الظهور لا يكاد) مضافا إلى أن ذلك موجب للحمل على أعلى مراتب الطلب لأنها أكمل ، كما أنه لو قامت قرينة على الاستحباب فاللازم حمله على أعلى مراتب الاستحباب لأنها أكمل أيضاً مع أن التفاوت بين أعلى مراتب الندب وأدنى مراتب الوجوب ليس بأكثر من التفاوت بين أدنى مراتب الوجوب وأعلاها (٣) (قوله : نعم فيما كان الآمر) يعني أن الطلب المستفاد من الصيغة وان كان في نفسه أعم من القوي والضعيف إلا أن الضعيف لما كان محتاجا إلى تحديده ببيان عدم المنع من الترك والقوي غير محتاج إلى بيان لأن المميز له هو الشدة التي هي من سنخ الطلب ويمكن الاعتماد في بيانها على بيان ماهية الطلب المنطبقة عليها كان صدور الكلام في مقام