أهله ما معهم من ثقافة دينيّة ، فألقوا إليهم ما ألقوا من الأخبار والقصص (١).
ونحن إذ نصادق الذهبي في أن الصحابة ـ على وجه الإجمال ـ كانوا يراجعون أهل الكتاب ، فيما أبهم عليهم من قصص القرآن ، وكان أولئك يلقون إليهم ما كان لديهم من قصص وأساطير.
لكن لا نصادقه في حكمه ذلك على الصحابة على وجه العموم ؛ إذ كان علماء الصحابة يأبون الرجوع إلى غيرهم من ذوي المعلومات الكاسدة ، بل كانوا يستنكرون من يراجعهم في قليل أو كثير ؛ حيث وفرة المعلومات الصحيحة لدى علماء الأصحاب الكبار. وقد كان مستقاها مساءلة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مهبط الوحي ومعدن علوم الأوّلين والآخرين ، فلم يدعوا صغيرة ولا كبيرة إلّا سألوا عنها الرسول الكريم.
هذا ابن عباس حبر الأمّة وترجمان القرآن ينادي برفيع صوته : هلّا من مستفهم أو مستعلم. ويستنكر على أولئك الذين يراجعون أهل الكتاب ولديهم الرصيد الأوفر من ذخائر العلوم. فقد كان ابن عباس يسيء الظنّ بأهل الكتاب حتى المسلمة منهم.
روى البخاري بإسناده إلى ابن عباس ، كان يقول :
«يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب ، وكتابكم الذي أنزل على نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أحدث الأخبار بالله تقرءونه لم يشب (٢). وقد حدّثكم الله أنّ أهل الكتاب بدّلوا ما كتب الله وغيّروا بأيديهم الكتاب ، فقالوا هو من عند الله ليشتروا به
__________________
(١) التفسير والمفسرون ، ج ١ ، ص ١٦٩.
(٢) لم يشب ، أي كان محفوظا عن الدسّ فيه ، فهو كلام الله الخالص ، من غير أن تشوّهه يد التدليس.