ثمنا قليلا. أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسائلتهم ، ولا والله ما رأينا منهم رجلا قطّ يسألكم عن الذي أنزل عليكم» (١).
وهذا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، سفط العلم وباب مدينة علم الرسول ، وكذا عبد الله بن مسعود وأبيّ بن كعب وأمثالهم من أوعية العلم ، لم يحتمل بشأنهم الرجوع إلى كتابيّ قطّ. وهذا معلوم بالضرورة من التاريخ.
نعم إنما كان يراجع أهل الكتاب من الأصحاب ، من لا بضاعة له ولا سابقة علم ، أمثال عبد الله بن عمر بن العاص ، وعبد الله بن عمرو بن الخطاب ، وأبي هريرة وأضرابهم ، من المفلّسين المعوزين.
وقد سمعت مراجعة عبد الله بن عمرو بن العاص إلى أهل الكتاب ولا سيّما زاملتيه اللتين زعم أنه عثر عليهما في واقعة اليرموك ، وكذا أبو هريرة تربية كعب الأحبار.
وقد ذكر أصحاب التراجم : أن عبد الله بن عمر بن الخطاب كان ممن نشر علم كعب ، وكان راوية له.
هذا عماد الدين ابن كثير عند كلامه عن قصّة هاروت وماروت يحكم بوضع هذه القصّة ، وأنّ منشأها روايات إسرائيليّة تدور حول ما نقله عبد الله بن عمر بن الخطاب عن كعب الأحبار ، وهي مما ألصقها زنادقة أهل الكتاب بالإسلام ، وأنّ روايات الرفع إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم غريبة جدّا ، قال :
«وأقرب ما يكون في هذا أنه من رواية عبد الله بن عمر عن كعب الأحبار لا
__________________
(١) راجع : صحيح البخاري ، باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة ، ج ٩ ، ص ٢٣٧. وج ٣ ، ص ١٣٦ ، باب لا تسألوا أهل الكتاب.