قلت : قد طلعت. قال : لا مرحبا بها ، ولا أهلا. قلت : سبحان الله!! نجم مسخّر ، سامع ، مطيع!! قال : ما قلت لك إلّا ما سمعت من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : إن الملائكة قالت : يا رب كيف صبرك على بني آدم في الخطايا والذنوب؟ قال : إني ابتليتهم وعافيتكم. قالوا : لو كنّا مكانهم ما عصيناك. قال : فاختاروا ملكين منكم ، فلم يألوا جهدا أن يختاروا فاختاروا هاروت وماروت ، فنزلا ، فألقى الله عليهم الشبق. قلت : وما الشبق؟ قال : الشهوة ، فجاءت امرأة يقال لها : الزهرة ، فوقعت في قلبيهما ، فجعل كل واحد منهما يخفي عن صاحبه ما في نفسه ، ثم قال أحدهما للآخر : هل وقع في نفسك ما وقع في قلبي؟ قال : نعم فطلباها لأنفسهما ، فقالت : لا أمكّنكما حتى تعلّماني الاسم الذي تعرجان به إلى السماء ، وتهبطان ، فأبيا ، ثم سألاها أيضا ، فأبت ، ففعلا ، فلمّا استطيرت طمسها الله كوكبا ، وقطع أجنحتهما. ثم سألا التوبة من ربّهما ، فخيّرهما بين عذاب الدنيا ، وعذاب الآخرة ، فاختارا عذاب الدنيا على عذاب الآخرة ، فأوحى الله إليهما : أن ائتيا «بابل» (١). فانطلقا إلى بابل ، فخسف بهما ، فهما منكوسان بين السماء والأرض ، معذّبان إلى يوم القيامة.
ثمّ ذكر أيضا رواية أخرى ، مرفوعة إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا تخرج في معناها عما ذكرنا (٢) ، ولا ينبغي أن يشك مسلم عاقل فضلا عن طالب حديث في أن هذا موضوع على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مهما بلغت أسانيده من الثبوت ، فما بالك إذا كانت أسانيدها واهية ، ساقطة ، ولا تخلو من وضّاع ، أو ضعيف ، أو مجهول؟! ونصّ على وضعه أئمة الحديث!!
__________________
(١) بابل : بلد من بلاد العراق قرب الكوفة والحلة.
(٢) الدر المنثور ، ج ١ ، ص ٩٧ وتفسير الطبري ، ج ١ ، ص ٣٦٤ ـ ٣٦٥.