أو أدنى قربا ، أنزلتك إلى من يكذّبك ويرد ما جئت به إليه منّي في وجهك ، وتسمع فيّ ما يضيق له صدرك ، فأين ذلك الشرح الذي شاهدته في إسرائك فهكذا أمنائي على خلقي الذين أخفيتهم رضاي عنهم ، فلا أسخط عليهم أبدا (١).
وإليك من تفاسير ابن عربي معتمدة على نظرية وحدة الوجود ، جاءت في سائر كتبه :
قال في تفسير قوله تعالى : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ)(٢) : لأنه لا ينطق إلّا عن الله ، بل لا ينطق إلّا بالله ، بل لا ينطق إلّا الله منه ، فإنه صورته (٣).
وفي تفسير قوله تعالى : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً ، فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي)(٤) ، يقول : وادخلي جنّتي الّتي هي ستري ، وليست جنتي سواك ، فأنت تسترني بذاتك الإنسانية ، فلا أعرف إلّا بك ، كما أنّك لا تكون إلّا بي ، فمن عرفك عرفني ، وأنا لا أعرف فأنت لا تعرف ، فإذا دخلت جنّته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة الّتي عرفتها حين عرفت ربّك بمعرفتك إيّاها ، فتكون صاحب معرفتين ، معرفة به من حيث أنت ، ومعرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت ، فأنت عبد وأنت ربّ لمن له فيه أنت عبد ، وأنت ربّ وأنت عبد لمن له في الخطاب عهد (٥).
__________________
(١) الفتوحات ، ج ١ ، ص ١١٥.
(٢) النساء / ٨٠.
(٣) الفتوحات ، ج ٤ ، ص ١٢٢.
(٤) الفجر / ٢٧ ـ ٣٠.
(٥) فصوص الحكم ، ص ٩١ ـ ٩٣.