وقلوبهم. فقد أخرج ابن سعد بإسناد صحيح ـ حسبما ذكره أبو ريّة ـ عن سعيد بن المسيّب قال : قال العباس بن عبد المطلب لكعب : ما منعك أن تسلم على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبي بكر ، حتى أسلمت الآن على عهد عمر؟
فقال : إنّ أبي كتب لي كتابا من التوراة ودفعه إليّ ، وقال : اعمل بهذا. وختم على سائر كتبه ، وأخذ عليّ بحق الوالد على ولده أن لا أفضّ الخاتم. فلمّا كان الآن ، ورأيت الإسلام يظهر ولم أر بأسا ، قالت لي نفسي : لعلّ أباك غيّب عنك علما كتمك ، فلو قرأته ، ففضضت الخاتم ، فقرأته ، فوجدت فيه صفة محمّد وأمّته. فجئت الآن مسلما. فوالى العباس (١).
قلت : ولا يخفى ما في هذا التبرير من تفاهة إن لم يكن في طيّها سفاهة تصحبها خباثة.
وكان عمر يكرهه ويسيء الظنّ به ، لما كان قد أفسد في الحديث وأشاع الأكاذيب. قال له يوما وقد أحضره : لتتركنّ الأحاديث أو لألحقنّك بأرض القردة (٢) ، يعني أرض اليهود التي هي أصله. وروى أهل السير أنّ الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام كان يذمّه ، ويقول عنه : إنّ كعب الأحبار لكذّاب. وقد كان منحرفا عن علي عليهالسلام ، كما ذكره ابن ابي الحديد (٣).
__________________
(١) الطبقات ، ج ٧ ، ق ٢ ، ص ١٥٦. وراجع : الإصابة ، ج ٣ ، ص ٣١٦. والأضواء لأبي ربّة ، ص ١٤٧ ـ ١٤٨.
(٢) أخرجه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه ، ج ١ ، ص ٥٤٤. راجع : هامش سير أعلام النبلاء ، ج ٣ ، ص ٤٩٠. ورواه ابن كثير في البداية والنهاية ، ج ٨ ، ص ١٠٨ ، ط السعادة (راجع الإسرائيليات للذهبي ، ص ٩٦).
(٣) شرح النهج ، ج ٤ ، ص ٧٧.