ومن سخافاته ما روي عن سعد الجاري مولى عمر ، قال : إنّ عمر دعا أمّ كلثوم ـ وكانت تحته ـ فوجدها تبكي. فقال لها : ما يبكيك؟ فقالت : هذا اليهودي ـ تعني كعبا ـ يقول : إنك على باب من أبواب جهنّم! فقال عمر : ما شاء الله ، والله إني لأرجو أن يكون ربّي خلقني سعيدا. ثم أرسل إلى كعب فدعاه ، فلمّا جاءه قال : يا أمير المؤمنين لا تعجل عليّ ، والذي نفسي بيده ، لا ينسلخ ذو الحجة حتى تدخل الجنّة.
فقال عمر : أي شيء هذا ، مرّة في الجنة ومرّة في النّار؟!
فقال : يا أمير المؤمنين ، والذي نفسي بيده ، إنا لنجدك في كتاب الله ـ يعني به التوراة ـ على باب من أبواب جهنم ، تمنع الناس أن يقعوا فيها. فإذا متّ لم يزالوا يقتحمون فيها إلى يوم القيامة (١).
ويروي الطبري أنه جاء إلى عمر قبل مقتله بثلاثة أيام ، وقال له : اعهد ، فإنّك ميّت في ثلاثة أيام. قال : وما يدريك؟ قال : أجده في كتاب الله عزوجل في التوراة! قال عمر : إنك لتجد عمر بن الخطاب في التوراة؟ قال : اللهمّ ، لا ، ولكن أجد صفتك وحليتك ، وأنه قد فنى أجلك (٢).
قال أحمد أمين تعقيبا على هذه القصّة : وهذه القصّة إن صحّت دلّت على وقوف كعب على مكيدة قتل عمر ، ثم وضعها هو في هذه الصبغة الإسرائيليّة. كما
__________________
(١) طبقات ابن سعد ، ج ٣ ، ق ١ ، ص ٢٤٠ ، س ٤ ـ ١٢.
(٢) جاء في تاريخ الطبري ، ج ٣ ، ص ٢٦٤ (مطبعة الاستقامة) حوادث سنة (٢٣) : أن عمر كان لا يحسّ ألما ولا وجعا حتى كان من الغد جاءه كعب فقال : يا أمير المؤمنين ذهب وبقي يومان. ثم جاءه من غد الغد فقال : ذهب يومان وبقي يوم وليلة ، وهي لك إلى صبيحتها. فلما كان الصبح خرج إلى الصلاة فطعنه أبو لؤلؤة.