في هذه الآية (١).
قال : «والسيف الثاني على أهل الذّمّة ، قال الله عزوجل : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً)(٢) نزلت هذه الآية في أهل الذّمة ، ثم نسخها قوله عزوجل : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) فمن كان منهم في دار الإسلام فلن يقبل منه إلّا الجزية أو القتل ، ومالهم فيء ، وذراريهم سبي ، وإذا قبلوا الجزية على أنفسهم حرم علينا سبيهم ، وحرمت أموالهم ، وحلّت لنا مناكحتهم ، ومن كان منهم في دار الحرب حلّ لنا سبيهم وأموالهم ، ولم تحلّ لنا مناكحتهم ، ولم يقبل منهم إلّا الدخول في دار الإسلام أو الجزية أو القتل» (٣).
وقال زرارة : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما حدّ الجزية على أهل الكتاب ، وهل عليهم في ذلك شيء موظّف لا ينبغي أن يجوزوا إلى غيره؟
فقال : «ذاك إلى الإمام أن يأخذ كلّ إنسان منهم ما شاء على قدر ماله ممّا يطيق ، إنّما هم قوم فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا أو يقتلوا ، فالجزية تؤخذ منهم على قدر ما يطيقون له أن يأخذهم به حتى يسلموا ، فإنّ الله تبارك وتعالى قال : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) ، وكيف يكون صاغرا وهو لا يكترث لما يؤخذ منه حتّى يجد ذلّا لما أخذ منه فيألم لذلك فيسلم».
قال : وقال ابن مسلم : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أرأيت ما يأخذ هؤلاء
__________________
(١) تقدّم في الحديث من تفسير الآية (٥) من هذه السورة.
(٢) البقرة : ٨٣.
(٣) الكافي : ج ٥ ، ص ١٠ ، ح ٢.