علينا السّلام ، وأعرض عنّا ، وسلّمنا على إخواننا فلم يردّوا علينا السّلام ، فبلغ ذلك أهلونا فقطعوا كلامنا ، وكنّا نحضر المسجد فلا يسلّم علينا أحد ولا يكلّمنا ، فجاءت نساؤنا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقلن : قد بلغنا سخطك على أزواجنا ، أفنعتزلهم؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تعتزلنّهم ، ولكن لا يقربوكن».
فلما رأى كعب بن مالك وصاحباه ما قد حلّ بهم ، قالوا : ما يقعدنا بالمدينة ولا يكلّمنا رسول الله ، ولا إخواننا ، ولا أهلونا ، فهلمّوا نخرج إلى هذا الجبل ، فلا نزال فيه حتى يتوب الله علينا أو نموت. فخرجوا إلى ذناب (١) جبل بالمدينة ، فكانوا يصومون ، وكان أهلوهم يأتونهم بالطّعام فيضعونه ناحية ، ثمّ يولّون عنهم فلا يكلّمونهم ، فبقوا على هذا أيّاما كثيرة يبكون بالليل والنهار ، ويدعون الله أن يغفر لهم. فلمّا طال عليهم الأمر ، قال لهم كعب : يا قوم ، قد سخط الله علينا ورسوله ، وقد سخط علينا أهلونا وإخواننا ، فلا يكلّمنا أحد ، فلم لا يسخط بعضنا على بعض.
فتفرّقوا في الجبل ، وحلفوا أن لا يكلّم أحد منهم صاحبه حتى يموت أو يتوب الله عليه ، فبقوا على ذلك ثلاثة أيّام ، وكلّ واحد منهم في ناحية من الجبل ، لا يرى أحد منهم صاحبه ولا يكلّمه ، فلمّا كان في الليلة الثالثة ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في بيت أمّ سلمة نزلت توبتهم على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ،
قوله : «لقد تاب الله بالنبيّ على المهاجرين والأنصار الذين اتّبعوه في ساعة العسرة» قال الصادق عليهالسلام : «هكذا نزلت. وهو أبو ذرّ وأبو خيثمة وعمرو بن وهب الذين تخلّفوا ، ثم لحقوا برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم».
ثمّ قال في هؤلاء الثلاثة : (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا)(٢) ، فقال
__________________
(١) الذناب من كلّ شيء : عقبه ومؤخره. «أقرب الموارد ـ ذنب ـ ج ١ ، ص ٣٧٤».
(٢) التوبة : ١١٨.