وقال عليّ بن إبراهيم : أنّها نزلت لمّا جاءت الصّدقات ، وجاء الأغنياء وظنّوا أن الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يقسّمها بينهم ، فلمّا وضعها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الفقراء تغامزوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولمزوه ، وقالوا : نحن الذين نقوم في الحرب ، ونغزو معه ، ونقوّي أمره ، ثمّ يدفع الصّدقات إلى هؤلاء الذين لا يعينونه ، ولا يغنون عنه شيئا؟! فأنزل الله : (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللهِ راغِبُونَ).
ثمّ فسّر الله عزوجل الصّدقات لمن هي ، وعلى من تجب ، فقال : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) فأخرج الله من الصّدقات جميع الناس إلّا هذه الثمانية أصناف الذين سمّاهم الله.
وبيّن الصادق عليهالسلام من هم ، فقال : «الفقراء : هم الذين لا يسألون وعليهم مؤمنات من عيالهم ، والدّليل على أنتم هم الذين لا يسألون قول الله في سورة البقرة : (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً)(١).
(وَالْمَساكِينِ) هم أهل الزمانة (٢) من العميان والعرجان والمجذومين ، وجميع أصناف الزّمنى من الرّجال والنّساء والصّبيان. (وَالْعامِلِينَ عَلَيْها) هم السّعادة والجباة في أخذها وجمعها وحفظها حتى يؤدّوها إلى من يقسمها. (وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) هم قوم وحّدوا الله ولم تدخل المعرفة في قلوبهم من أنّ
__________________
(١) البقرة : ٢٧٣.
(٢) الزمانة : العاهة. «لسان العرب ـ زمن ـ ج ١٣ ، ص ١٩٩».