الْمُفْلِحُونَ) (١) ثمّ أخبر عن هذه الأمّة ، وممّن هي ، وأنّها من ذريّة إبراهيم وذريّة إسماعيل من سكّان الحرم ، ممّن لم يعبدوا غير الله قطّ ، الذين وجبت لهم الدّعوة دعوة إبراهيم وإسماعيل ، من أهل المسجد ، الذين أخبر عنهم في كتابه أنّه أذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا ، الذين وصفناهم قبل هذا في صفة أمّة إبراهيم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الذين عناهم الله تبارك وتعالى في قوله : (أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) (٢) يعني أوّل من اتّبعه على الإيمان به والتّصديق له فيما جاء به من عند الله عزوجل من الأمّة التي بعث فيها ومنها وإليها قبل الخلق ، ممّن لم يشرك بالله قط ، ولم يلبس إيمانه بظلم وهو الشّرك.
ثمّ ذكر أتباع نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وأتباع هذه الأمّة التي وصفها في كتابه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وجعلها داعية إليه ، وأذن لها في الدعاء إليه ، فقال : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٣).
ثمّ وصف أتباع نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم من المؤمنين ، فقال الله عزوجل : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ) (٤) وقال : (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) (٥) يعني أولئك المؤمنين. وقال : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) (٦).
ثمّ حلّاهم ووصفهم كيلا يطمع في اللّحاق بهم إلا من كان منهم ، فقال فيما حلّاهم به ووصفهم : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) إلى قوله : (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها
__________________
(١) آل عمران : ١٠٤.
(٢) يوسف : ١٠٨.
(٣) الأنفال : ٦٤.
(٤) الفتح : ٢٩.
(٥) التحريم : ٨.
(٦) المؤمنون : ١.