لهم في ذلك ، وظلمهم كسرى وقيصر ومن كان دونهم من قبائل العرب والعجم بما كان في أيديهم ممّا كان المؤمنون أحقّ به دونهم ، فقد قاتلوهم بإذن الله عزوجل لهم في ذلك ، وبحجّة هذه الآية يقاتل مؤمنو كلّ زمان.
وإنما أذن الله عزوجل للمؤمنين ، الذين قاموا بما وصف الله عزوجل من الشّرائط التي شرطها الله عزوجل على المؤمنين في الإيمان والجهاد ، ومن كان قائما بتلك الشّرائط فهو مؤمن ، وهو مظلوم ، ومأذون له في الجهاد بذلك المعنى. ومن كان على خلاف ذلك فهو ظالم ، وليس من المظلومين ، وليس بمأذون له في القتال ، ولا بالنّهي عن المنكر والأمر بالمعروف ، لأنه ليس من أهل ذلك ، ولا مأذون له في الدعاء إلى الله عزوجل ، لأنه ليس يجاهد مثله وأمر بدعائه إلى الله عزوجل ، ولا يكون مجاهدا من قد أمر المؤمنون بجهاد ، وحظر الجهاد عليه ومنعه منه ، ولا يكون داعيا إلى الله عزوجل من أمر بدعاء مثله إلى التّوبة والحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولا يأمر بالمعروف من قد أمر أن يؤمر به ، ولا ينهى عن المنكر من قد أمر أن ينهى عنه.
فمن كان قد تمّت فيه شرائط الله عزوجل التي وصف الله بها أهلها من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو مظلوم ، فهو مأذون له في الجهاد ، كما أذن لهم في الجهاد بذلك المعنى ، لأنّ حكم الله عزوجل في الأوّلين والآخرين وفرائضه عليهم سواء ، إلّا من علّة أو حادث يكون ، والأوّلون والآخرون أيضا في منع الحوادث شركاء ، والفرائض عليهم واحدة ، يسأل الآخرون عن أداء الفرائض كما يسأل عنه الأوّلون ، ويحاسبون عما به يحاسبون ، ومن لم يكن على صفة من أذن الله له في الجهاد من المؤمنين ، فليس من أهل الجهاد ، وليس بمأذون له فيه حتى يفيء بما شرط الله عزوجل عليه ، فإذا تكاملت فيه شرائط الله عزوجل على المؤمنين والمجاهدين فهو من المأذونين لهم في الجهاد.