حيث لم يكلّمهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا إخوانهم ولا أهلوهم ، فضاقت عليهم المدينة حتى خرجوا منها ، وضاقت عليهم أنفسهم حيث حلفوا أن لا يكلّم بعضهم بعضا ، فتفرّقوا وتاب الله عليهم لمّا عرف من صدق نيّاتهم» (١).
وقد تقدّم ذكر ذلك عند ذكر غزاة تبوك من السورة بزيادة ، وتقدم أن الثلاثة : كعب بن مالك الشاعر ، ومرارة بن الرّبيع ، وهلال بن أميّة الرافعي ، تقدم مستوفى في رواية عليّ بن إبراهيم (٢).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام لفيض بن المختار : كيف تقرأ (عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا)؟ قلت : (خُلِّفُوا).
قال : «لو كان (خلّفوا) لكانوا في حال طاعة ، ولكنّهم خالفوا ، عثمان وصاحباه ، أما والله ما سمعوا صوت حافر ولا قعقعة حجر إلّا قالوا أتينا ، فسلّط الله عليهم الخوف حتى أصبحوا» (٣).
وفي (نهج البيان) : روي أنّ السبت في هذه الآية عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهالسلام : «أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا توجّه إلى غزاة تبوك تخلّف عنه كعب ابن مالك الشاعر ، ومرارة بن الرّبيع ، وهلال بن أميّة الرافعي ، تخلّفوا عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على أن يتحوّجوا ويلحقوه ، فلهوا بأموالهم وحوائجهم عن ذلك ، وندموا وتابوا ، فلمّا رجع النبيّ مظفّرا منصورا أعرض عنهم ، فخرجوا على وجوههم وهاموا في البريّة مع الوحوش ، وندموا أصدق ندامة ، وخافوا أن لا يقبل الله توبتهم ورسوله لإعراضه عنهم ، فنزل جبرئيل عليهالسلام فتلا على النبيّ ، فأنفذ إليهم من جاء بهم ، فتلا عليهم ، وعرّفهم أنّ الله قد قبل توبتهم» (٤).
__________________
(١) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٢٩٧.
(٢) تقدم الحديث من تفسير الآيات (٤٤ ـ ٤٧) من هذه السورة.
(٣) الكافي : ج ٨ ، ص ٣٧٧ ، ح ٥٦٨.
(٤) نهج البيان : ج ٢ ، ص ١٤١ (مخطوط).