على صحته ، فقال : (أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) يعني العقلاء ، وإذا كان له ملك العقلاء فما عداهم تابع لهم ، وإنما خص العقلاء تفخيما (وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ) يحتمل ما ها هنا وجهين :
١ ـ أن يكون بمعنى أي شيء ، فكأنه قال : وأي شيء يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء ، تقبيحا لفعلهم.
٢ ـ أن يكون نافية أي : وما يتبعون شركاء في الحقيقة. ويحتمل وجها ثالثا وهو أن يكون (ما) بمعنى الذي ، ويكون منصوبا بالعطف على (مَنْ). ويكون التقدير : والذي يتبع الأصنام الذين يدعونهم من دون الله شركاء ، فحذف العائد من الصلة ، و (شُرَكاءَ) حال من ذلك المحذوف. وإن جعلت (ما) نفيا فقوله (شُرَكاءَ) ينتصب بيد عونه ، والعائد إلى (الَّذِينَ) الواو في (يَدْعُونَ) ، ويكون قوله (إِنْ يَتَّبِعُونَ) مكررا لطول الكلام. وتقف في هذا القول على قوله (وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) وفي ذلك القول على قوله (شُرَكاءَ). (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) أي : ليس يتبعون في اتخاذهم مع الله شركاء إلا الظن ، لتقليدهم أسلافهم في ذلك ، أو لشبهة دخلت عليهم ، بأنهم يتقربون بذلك إلى الله تعالى (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) أي : وليسوا إلا كاذبين بهذا الاعتقاد والقول : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ) معناه : إن الذي يملك من في السموات ، ومن في الأرض ، هو الذي خلق لكم الليل لسكونكم ، ولأن يزول التعب والكلال عنكم بالسكون فيه (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) أي : وجعل النهار مبصرا مضيئا ، تبصرون فيه ، وتهتدون به في حوائجكم بالإبصار (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) أي : لحججا ودلالات على توحيد الله سبحانه من حيث لا يقدر على ذلك غيره (لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) الحجج ، سماع تدبر ، وتفهم ، وتعقل (١).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٥ ، ص ٢٠٧ ـ ٢٠٨.