رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من عظم ما أوحى الله إليه في عليّ عليهالسلام ، فأنزل الله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) يعني الأنبياء ، فقد أنزلنا عليهم في كتبهم من فضله ما أنزلنا في كتابك (لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ ، وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ)(١)». فقال الصادق عليهالسلام : «فو الله ما شكّ وما سأل» (٢).
وقال محمد بن سعيد الإذخري ـ وكان ممّن يصحب موسى بن محمد بن علي الرضا عليهالسلام ـ أنّ موسى أخبره ، أنّ يحيى بن أكثم كتب إليه يسأله عن مسائل ، فيها : وأخبرني عن قول الله عزوجل : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) من المخاطب بالآية؟ فإن كان المخاطب بها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أليس قد شكّ فيما أنزل الله عزوجل إليه؟ وإن كان المخاطب غيره فعلى غيره إذن أنزل القرآن؟
قال موسى : فسألت أخي علي بن محمد عليهالسلام عن ذلك ، فقال : «أمّا قوله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) فإنّ المخاطب بذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولم يكن في شكّ مما أنزل الله عزوجل ، ولكن قالت الجهلة : كيف لا يبعث إلينا نبيّا من الملائكة؟ إنّه لم يفرّق بينه وبين غيره في الاستغناء عن المأكل والمشرب والمشي في الأسواق. فأوحى الله عزوجل إلى نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) بمحضر من الجهلة ، هل بعث الله رسولا قبلك إلّا وهو يأكل الطّعام ويمشي في الأسواق؟ ولك بهم أسوة ، وإنّما قال : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍ) ولم يكن ،
__________________
(١) يونس : ٩٥.
(٢) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣١٦.