منزلك امرأة شمطاء عوراء ، قالت لنا : من أنتم ، وما تريدون؟ قلنا : جئنا إلى نبيّ الله هود ليدعو الله لنا فنمطر. فقالت : لو كان هود داعيا لدعا لنفسه ، فإنّ زرعه قد احترق.
فقال هود : «تلك أهلي ، وأنا أدعو الله لها بطول العمر والبقاء» قالوا ، وكيف ذاك! قال : «لأنّه ما خلق الله مؤمنا إلا وله عدوّ يؤذيه ، وهي عدوي ، فلئن يكون عدوّي ممّن أملكه خير من أن يكون عدوّي ممن يملكني».
فبقي هود في قومه يدعوهم إلى الله ، وينهاهم عن عبادة الأصنام حتى خصبت بلادهم ، وأنزل الله عليهم المطر ، وهو قوله عزوجل : (وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) قالوا ، كما حكى الله : (يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) الآية ، فلمّا لم يؤمنوا أرسل الله عليهم الرّيح الصّرصر ، يعني الباردة ، وهو قوله في سورة القمر : (كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ)(١) وحكى في سورة الحاقّة ، فقال : (وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً)(٢) قال : كان القمر منحوسا بزحل سبع ليال وثمانية أيّام (٣).
__________________
(١) القمر : ١٨ ـ ١٩.
(٢) الحاقة : ٦ ـ ٧.
(٣) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣٢٩.