بكم قوما غيركم ، يوحدونه ، ويعبدونه (وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً) يعني إذا استلف غيركم ، فجعلهم بدلا منكم ، لا تقدرون له على ضر. وقيل : معناه لا تضرونه بتوليكم ، وإعراضكم شيئا ، ولا ضرر عليه في إهلاككم ، لأنه لم يخلقكم لحاجة منه إليكم (إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) يحفظه من الهلاك إن شاء ، ويهلكه إذا شاء. وقيل : معناه إن ربي يحفظني عنكم ، وعن أذاكم. وقيل : معناه إن ربي على كل شيء من أعمال عباده حفيظ حتى يجازيهم عليها (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا) بهلاك عاد (نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) من الهلاك. وقيل : إنهم كانوا أربعة آلاف (بِرَحْمَةٍ مِنَّا) أي : بما أريناهم من الهدى والبيان. وقيل : برحمة منا أي : بنعمة منا ، وهي النجاة أي : أنجيناهم برحمة ليعلم أنه عذاب أريد به الكفار ، لا اتفاق وقع (وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) أي : كما نجيناهم من عذاب الدنيا ، نجيناهم من عذاب الآخرة. والغليظ : الثقيل العظيم. ويحتمل أن يكون هذا صفة للعذاب الذي عذب به قوم هود. ثم ذكر سبحانه كفر عاد ، فقال : (وَتِلْكَ) أي : وتلك القبيلة (عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) يعني معجزات هود الدالة على صحة نبوته (وَعَصَوْا رُسُلَهُ) إنما جمع الرسل ، وكان قد بعث إليهم هود ، لأن من كذب رسولا واحدا ، فقد كفر بجميع الرسل ، ولأن هودا كان يدعوهم إلى الإيمان به ، وبمن تقدمه من الرسل ، وبما أنزل عليهم من الكتب ، فكذبوا بهم جميعا ، فلذلك عصوهم.
(وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) أي : وأتبع السفلة والسقاط الرؤساء. وقيل : إن الجبار : من يقتل ويضرب على غضبه ، والعنيد : الكثير العناد الذي لا يقبل الحق (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً) أي : وأتبع عادا بعد إهلاكهم في الدنيا بالإبعاد عن الرحمة ، فإن الله تعالى أبعدهم من رحمته ، وتعبد المؤمنين بالدعاء عليهم باللعن (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) أي وفي يوم القيامة يبعدون من رحمة الله ، كما بعدوا في الدنيا منها ، ويلعنون بأن يدخلوا النار ، فإن اللعنة : الدعاء