قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٠) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (٣١) قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ (٣٢) قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ (٣٣) فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٤)) [يوسف : ٤ ـ ٣٤]؟!
الجواب / قال أبو حمزة الثّمالي : صلّيت مع عليّ بن الحسين عليهالسلام الفجر بالمدينة يوم جمعة ، فلمّا فرغ من صلاته وسبحته (١) ، نهض إلى منزله وأنا معه ، فدعا مولاة له تسمّى سكينة ، فقال لها : «لا يعبر على بابي سائل إلّا أطعتموه فإنّ اليوم يوم الجمعة».
قلت له : ليس كلّ من يسأل مستحقّا؟ فقال : «يا ثابت ، أخاف أن يكون بعض من يسألنا محقّا فلا نطعمه ونردّه ، فينزل بنا ـ أهل البيت ـ ما نزل بيعقوب وآله ، أطعموهم أطعموهم.
إن يعقوب كان يذبح كل يوم كبشا فيتصدّق منه ، ويأكل هو وعياله منه ، وإنّ سائلا مؤمنا صوّاما محقّا ، له عند الله منزلة ، وكان مجتازا غريبا اعترّ (٢) على باب يعقوب عشيّة جمعة عند أوان إفطاره يهتف على بابه : أطعموا السائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم. يهتف بذلك على بابه مرارا ، وهم يسمعونه وقد جهلوا حقّه ، ولم يصدّقوا قوله ، فلمّا أيس أن يطعموه وغشيه الليل استرجع واستعبر وشكا جوعه إلى الله عزوجل ، وبات
__________________
(١) السبحة : النافلة. «مجمع البحرين ـ سبح ـ ج ٢ ، ص ٣٧٠» ، وفي «ط» : وتسبيحه.
(٢) اعترّ : تعرّض للسؤال. «مفردات ألفاظ القرآن ـ عرّ ـ ص ٣٢٨».