قلت : من لدن آدم حتّى انتهى إلى نفسه؟ قال : «ما بعث الله نبيّا إلّا ومحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم أعلم منه».
قال : قلت : إن عيسى بن مريم كان يحيي الموتى بإذن الله؟ قال : «صدقت ، وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطّير ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقدر على هذه المنازل».
قال : وقال : «إن سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده وشكّ في أمره ، فقال : (ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ)(١) حين فقده فغضب عليه ، فقال : (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ)(٢) وإنّما غضب لأنّه كان يدلّه على الماء ، فهذا وهو طائر قد أعطي ما لم يعط سليمان ، وقد كانت الرّيح والنّمل والإنس والجنّ والشّياطين والمردة له طائعين ، ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء ، وكان الطير يعرفه. وإنّ الله يقول في كتابه (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسيّر به الجبال وتقطّع به البلدان وتحيا به الموتى ، ونحن نعرف الماء تحت الهواء. وإنّ في كتاب الله لآيات ما يراد بها أمر إلّا أن يأذن الله به ، مع ما قد يأذن الله ممّا كتبه الماضون ، وجعله الله لنا في أمّ الكتاب ، إنّ الله يقول : (وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ)(٣) ثمّ قال : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا)(٤) فنحن الذين اصطفانا الله عزوجل وأورثنا هذا الذي فيه تبيان كلّ شيء» (٥).
__________________
(١) النمل : ٢٠.
(٢) النمل : ٢١.
(٣) النمل : ٧٥.
(٤) فاطر : ٣٢.
(٥) الكافي : ج ١ ، ص ١٧٦ ، ح ٧ ، وبصائر الدرجات : ص ١٣٤ ، ح ٣.