يستغنون به في سنتهم ، فإن فضل منهم شيء فهو للوالي ، وإن عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به ، وإنما صار عليه أن يمونهم لأن له ما فضل عنهم.
وإنما جعل الله هذا الخمس خاصة لهم دون مساكين النّاس وأبناء سبيلهم ، عوضا لهم عن صدقات الناس ، تنزيلها من الله لهم لقرابتهم من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكرامة من الله لهم عن أوساخ الناس ، فجعل لهم خاصة من عنده ، وما يغنيهم به من أن يصيّرهم في موضع الذّلّ والمسكنة ، ولا بأس بصدقة بعضهم على بعض.
وهؤلاء الذين جعل الله لهم الخمس هم قرابة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الذين ذكرهم الله فقال : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)(١) وهم بنو عبد المطّلب أنفسهم ، الذكر منهم والأنثى ، ليس فيهم من أهل بيوتات قريش ، ولا من العرب أحد ، ولا فيهم ولا منهم في هذا الخمس من مواليهم ، وقد تحلّ صدقات الناس لمواليهم ، وهم الناس سواء ، ومن كانت أمّه من بني هاشم وأبوه من سائر قريش فإنّ الصدقات تحل له ، وليس له من الخمس شيء ، لأن الله تعالى يقول : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ)(٢)(٣).
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : فنحن والله الذين عنى الله بذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ، فينا خاصّة ، ولم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيبا ، وأكرم الله نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وأكرمنا أن يعطينا أوساخ الناس ، والحمد لله ربّ العالمين» (٤).
__________________
(١) الشعراء : ٢١٤.
(٢) الأحزاب : ٥.
(٣) الكافي : ج ١ ، ص ٤٥٣ ، ح ٤.
(٤) كتاب سليم بن قيس : ص ١٢٦.