الله بن حرام الأنصاري (رحمهالله) يقول : تمثّل إبليس (لعنه الله) في أربع صور : تمثّل يوم بدر في صورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي ، فقال لقريش : (لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ). وتصوّر يوم العقبة في صورة منبّه بن الحجّاج ، فنادى أن محمدا والصّباة معه عند العقبة فأدركوهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم للأنصار : «لا تخافوا فإن صوته لن يعدوه». وتصوّر يوم اجتماع قريش في دار النّدوة في صورة شيخ من أهل جد ، وأشار عليهم في أمرهم ، فأنزل الله تعالى : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ)(١). وتصوّر يوم قبض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في صورة المغيرة بن شعبة ، فقال : أيها الناس ، لا تجعلوها كسروانيّة ولا قيصرانيّة ، وسّعوها تتّسع ، فلا تردّوا إلى بني هاشم فتنتظر بها الحبالى (٢).
وقال الطّبرسي : قيل : إنهم لما التقوا ، كان إبليس في صفّ المشركين ، آخذا بيد الحارث بن هشام فنكص على عقبيه ، فقال له الحارث بن هشام : يا سراقة ، إلى أين ، أتخذلنا على هذه الحالة؟ فقال له : (إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ). فقال : والله ، ما ترى إلّا جعاسيس (٣) يثرب ، فدفع في صدر الحارث وانطلق وانهزم الناس ، فلمّا قدموا مكة ، قالوا : هزم الناس سراقة ، فبلغ ذلك سراقة ، فقال : والله ، ما شعرت بمسيركم حتى بلغني هزيمتكم. فقالوا : إنك أتيتنا يوم كذا ، فحلف لهم ، فلمّا أسلموا علموا أن ذلك كان الشيطان. قال :
روي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهالسلام (٤).
__________________
(١) الأنفال ٨ : ٣٠
(٢) الأمالي ١ : ١٨٠.
(٣) الجعاسيس : جمع جعسوس ، اللئيم في الخلقة والخلق. «لسان العرب ـ جعس ـ ٦ : ٣٩».
(٤) مجمع البيان : ج ٤ ، ص ٨٤٤.