الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من غزوة تبوك ، في سنة تسع من الهجرة ـ قال ـ : وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا فتح مكّة لم يمنع المشركين الحجّ في تلك السّنة ، وكانت سنّة العرب في الحجّ أنّه من دخل مكّة وطاف بالبيت في ثيابه لم يحلّ له إمساكها ، وكانوا يتصدّقون بها ، ولا يلبسونها بعد الطّواف ، فكان من وافى مكّة يستعير ثوبا ويطوف فيه ثم يردّه ، ومن لم يجد عارية اكترى ثيابا ، ومن لم يجد عارية ولا كراء ، ولم يكن له إلا ثوب واحد طاف بالبيت عريانا.
فجاءت امرأة من العرب وسيمة جميلة ، فطلبت ثوبا عارية أو كراء فلم تجده ، فقالوا لها : إن طفت في ثيابك احتجت أن تتصدّقي بها. فقالت : وكيف أتصدّق بها وليس لي غيرها؟! فطافت بالبيت عريانة ، وأشرف عليها الناس ، فوضعت إحدى يديها على قبلها والأخرى على دبرها ، وقالت شعرا :
اليوم يبدو بعضه أو كلّه |
|
فما بدا منه فلا أحلّه |
***
فلما فرغت من الطّواف خطبها جماعة ، فقالت : إنّ لي زوجا.
وكانت سيرة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل نزول سورة براءة أن لا يقاتل إلّا من قاتله ، ولا يحارب إلا من حاربه وأراده ، وقد كان أنزل عليه في ذلك (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً)(١). فكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يقاتل أحدا قد تنحّى عنه واعتزله ، حتى نزلت عليه سورة براءة ، وأمره الله بقتل المشركين من اعتزله ومن لم يعتزله ، إلّا الذين قد عاهدهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم فتح مكة إلى مدة ، منهم : صفوان بن أميّة ، وسهيل بن عمرو ، فقال الله عزوجل : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ
__________________
(١) النساء : ٩٠.