الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) : إنها نزلت في أمير المؤمنين عليهالسلام وأبي ذرّ وسلمان والمقداد.
وقال : ثمّ ذكر بعد ذلك الأنفال وقسمة الغنائم وخروج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الحرب ، فقال : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ) ـ إلى قوله ـ (وَهُمْ يَنْظُرُونَ) وكان سبب ذلك أنّ عيرا لقريش خرجت إلى الشّام فيها خزائنهم ، فأمر رسول الله أصحابه بالخروج ليأخذوها ، فأخبرهم أنّ الله قد وعده إحدى الطائفتين : إمّا العير ، وإمّا قريش إن ظفر بهم ، فخرج في ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا ، فلمّا قارب بدرا كان أبو سفيان في العير فلمّا بلغه أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد خرج يتعرّض للعير خاف خوفا شديدا ، ومضى إلى الشام ، فلمّا وافى بهرة (١) اكترى ضمضم الخزاعيّ بعشرة دنانير وأعطاه قلوصا (٢) ، وقال له : امض إلى قريش وأخبرهم أنّ محمدا والصّباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرّضون لعيركم ، فأدركوا العير ، وأوصاه أن يخرج ناقته ، ويقطع أذنها حتى يسيل الدم ، ويشقّ ثوبه من قبل ودبر ، فإذا دخل مكة ولى وجهه إلى دبر البعير ، وصاح بأعلى صوته : يا آل غالب ، يا آل غالب ، اللطيمة اللطيمة (٣) ، العير العير ، أدركوا أدركوا ، وما أراكم تدركون ، فإنّ محمدا والصّباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرّضون لعيركم. فخرج ضمضم يبادر إلى مكة.
ورأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم في منامها بثلاثة أيام كأن راكبا قد دخل مكّة ، وهو ينادي : يا آل غالب ، يا آل غالب ، اغدوا إلى مصارعكم ، صبح ثالث. ثم وافى بجمله على أبي قبيس ، فأخذ حجرا
__________________
(١) بهرة : موضع بنواحي المدينة ، أو موضع في اليمامة.
(٢) القلوص من النوق : الشابّة.
(٣) اللطيمة : العير التي تحمل الطيب وبزّ التجّار ، ومنه : يا قوم اللطيمة اللطيمة ، أي أدركوها «أقرب الموارد ـ لطم ـ ج ٢ ، ص ١١٤٥».