كانت بين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين قريش ، فلم يكن نقضها إلا قريش وبنو الدئل من بكر فأمر بإتمام العهد لمن لم يكن له نقض إلى مدته. وهذا القول أقرب إلى الصواب ، لأن هذه الآيات نزلت بعد نقض قريش العهد ، وبعد فتح مكة.
(فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) معناه : فما استقاموا لكم على العهد ، أي : ما داموا باقين معكم على الطريقة المستقيمة ، فكونوا معهم كذلك. (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) للنكث والغدر ، (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ) : ها هنا حذف ، وتقديره : كيف يكون لهم عهد ، وكيف لا تقتلونهم ، وإنما حذفه لأن ما قبله من قوله : (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ) يدل على ذلك ، ومثله قول الشاعر يرثي أخا له قد مات.
وخبر تماني أنما الموت بالقرى |
|
فكيف وهاتا هضبة وقليب (١) |
***
ومعناه : كيف يكون لهؤلاء عهد عند الله ، أو عند رسوله ، وهم بحال أن يظهروا عليكم ، ويظفروا بكم ، ويغلبوكم (لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) أي : لا يحفظوا ، ولا يراعوا فيكم قرابة ، ولا عهدا. والإل : القرابة. وقيل : العهد. وقيل : الجوار. وقيل : الحلف. وقيل : أن الإل اسم الله تعالى ، وروى أن أبا بكر قرىء عليه كلام مسيلمة ، فقال : لم يخرج هذا من إل ، فأين يذهب بكم؟ ومن قال إن الإل هو العهد ، قال : جمع بينه وبين الذمة ، وإن كان بمعناه ، لاختلاف معنى اللفظين ، كما قال : «وألفى قولها كذبا ومينا» وقال : «متى أدن منه ينأ عني ويبعد».
(يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ) معناه : يتكلمون بكلام الموالين لكم
__________________
(١) قائله : كعب بن سعد الغنوي. والهضبة : الجبل ، الرابية.