.................................................................................................
______________________________________________________
فينحصر الأمر في وجود جامع عرضي ، أو بتعبير آخر : وجود جامع عنواني كما أشار إليه المصنف بقوله : «إمّا أن يكون عنوان المطلوب أو ملزوما مساويا له» ، كعنوان المحبوب أو ذي المصلحة.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه لا يصح الالتزام بشيء منهما.
أمّا الأوّل ـ وهو أن يكون الجامع عنوان المطلوب ـ فمردود لوجوه : الأول : أنه غير معقول لأنه مستلزم للدور. بيان ذلك : أن تحقق عنوان المطلوب يتوقف على الطلب ، لأنه ما دام لم يتحقق الطلب لم يتحقق عنوان المطلوب ، ثم الطلب يتوقف على عنوان المطلوب ، لأن عنوان المطلوب قد أخذ في موضوع الطلب ومتعلقه ، وتوقف الحكم ـ وهو الطلب ـ على متعلقه ـ وهو عنوان المطلوب ـ من الأمور البديهية ، فالطلب موقوف على عنوان المطلوب ، وهو موقوف عليه فيلزم ما ذكرناه من الدور وهو باطل لاستلزامه تقدم الشيء على نفسه ، فلا يصح أن يكون الجامع عنوان المطلوب. وهذا ما أشار إليه بقوله : «لبداهة استحالة أخذ ما لا يتأتّى إلّا من قبل الطلب ...» إلخ.
الثاني : يلزم على هذا أن يكون لفظ الصلاة ولفظ المطلوب مترادفين كالإنسان والبشر مثلا ، ولازم ذلك : جواز استعمال كل واحد منهما موضع الآخر ، فيصح أن يقال : «أقيموا المطلوب» كما يصح أن يقال : «أقيموا الصلاة» مع أنه لا يصح «أقيموا المطلوب» فهو يكشف عن عدم الترادف ، وعدم الترادف كاشف عن عدم كون عنوان المطلوب جامعا. وهذا ما أشار إليه بقوله : «مع لزوم الترادف ...» إلخ.
الثالث : أنه يلزم حينئذ عدم جريان البراءة مع الشك في أجزاء العبادات وشرائطها.
وملخص الوجه الثالث : أنه لا يجوز الالتزام بأن الجامع هو عنوان المطلوب ؛ لاستلزامه عدم جريان البراءة عند الشك في جزئية شيء أو شرطيته ، وجريان الاشتغال ؛ وذلك لرجوع الشك حينئذ إلى الشك في المحصل لا في المأمور به ؛ لأن المأمور به أمر بسيط لا إجمال فيه ، فلا يكون الشك في جزئية شيء شكا في المأمور به ، إذ ذلك خلاف كونه بسيطا فيرجع الشك إلى المحصل والمحقق للامتثال ، ومقتضاه : جريان قاعدة الاشتغال ولزوم الاحتياط ؛ وذلك يتنافى مع الالتزام بجريان البراءة ممن يلتزم بالوضع للصحيح كما أشار إليه بقوله : «مع إن المشهور القائلين بالصحيح قائلون بها في الشك فيها» أي : قائلون بالبراءة في الشك في العبادات. ولازم ذلك : عدم كون عنوان المطلوب جامعا. وهذا الأخير يرد على الالتزام بالثاني أعني : كون الجامع ملزوما مساويا لعنوان