بالمداقة (١) ، وإن صح الإطلاق عليه بالعناية.
ثالثها (٢) : الأخبار الظاهرة في إثبات بعض الخواص والآثار للمسميات مثل : «الصلاة عمود الدين» ، أو «معراج المؤمن» ، و «الصوم جنة من النار» إلى غير ذلك ، أو نفي ماهيتها وطبائعها ، مثل «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» ونحوه ، مما كان ظاهرا في
______________________________________________________
(١) أي : قوله : «بالمداقّة» متعلق بصحة السلب ، كما أن قوله : «بسبب الإخلال» متعلق بالفاسد.
ومعنى العبارة : أنه يصح سلب لفظ «الصلاة» عن الفاسدة بالمداقة العقلية ، وإن لم يصح بالمسامحة لرعاية المشابهة في الصورة فيصح إطلاق لفظ الصلاة عليها بالعناية والمجاز. إلّا إنه قد علم في محله : أن صحة السلب وعدمها علامتان للحقيقة والمجاز إذا لوحظا بحسب الدقة العقلية لا مطلقا ولو بالعناية.
(٢) الوجه الثالث من الوجوه التي استدل بها الصحيحي : هي الأخبار وهي على طائفتين :
إحداهما : ما مفادها : إثبات بعض الآثار للمسميات ، وهي لا تترتب على غير الصحيحة ، لأن ظاهر «الصلاة عمود الدين» ، أو «معراج المؤمن» هو إثبات الأثر على ما يسمى بالصلاة ، ومعلوم : أنه أثر للصلاة الصحيحة فيكون هذا كاشفا عن كون لفظ الصلاة اسما للصحيح ؛ إذ لو كان موضوعا للأعم لترتبت هذه الآثار على الصلاة الفاسدة وهو خلاف الضرورة ، لأن الفاسد يكون بمنزلة العدم فكيف يكون منشأ للآثار والخواص.
والأخرى : ما مفادها : نفي الطبيعة والماهية بمجرد انتفاء جزء أو شرط ـ وهي ما أشار إليها بقوله : ـ «أو نفي ماهيتها وطبائعها».
الاستدلال بالطائفة النافية للماهية للصحيحي يتوقف على مقدمة وهي :
أولا : أنّ ظاهر قول الشارع : «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» ، و «لا صلاة إلّا بطهور» نفي الحقيقة والماهية لا نفي الكمال والصحة.
وثانيا : بأن يكون هذا الاستعمال على نحو الحقيقة لا على نحو المجاز.
إذا عرفت المقدمة فاعلم : أن مفاد هذه الطائفة هو نفي حقيقة الصلاة عند انتفاء الجزء أو الشرط. هذا إنما يتم على القول بالصحيح ؛ إذ لو كان الموضوع له للفظ الصلاة هو الأعم لم يلزم انتفاء الحقيقة والطبيعة بانتفاء أحد أجزائها أو شرطا من شرائطها ، إذ لا يلزم بانتفاء واحد منهما إلّا انتفاء الصحة ، فالحاصل : إنّ الفاقدة للجزء أو الشرط ليست بصلاة هذا هو مراد القائلين بالصحيح.