المسجد إلّا في المسجد» مما يعلم أن المراد نفي الكمال ، بدعوى استعماله في نفي الحقيقة في مثله أيضا بنحو من العناية ، لا على الحقيقة ، وإلا (١) لما دل على المبالغة ، فافهم (٢).
رابعها : (٣) دعوى القطع بأن طريقة الواضعين وديدنهم وضع الألفاظ للمركبات التامة ، كما هو قضية الحكمة الداعية إليه.
______________________________________________________
(١) أي : وإن لم يكن المراد من هذا التركيب نفي الحقيقة لما دل على المبالغة.
(٢) إشارة إلى أن الأخبار المثبتة للآثار وإن كانت ظاهرة في ذلك ـ لمكان أصالة الحقيقة ـ ولازم ذلك : كون الموضوع له للاسماء هو الصحيح ، ضرورة : اختصاص تلك الآثار به إلّا إنه لا يثبت بأصالتها كما لا يخفى ، لإجراء العقلاء لها في إثبات المراد لا في أنه على نحو الحقيقة لا المجاز. فتأمل جيدا. هذا من المصنف «قدسسره».
فحاصل ما ذكره المصنف في وجه قوله : «فافهم» : أنه إشارة إلى ضعف الاستدلال بالطائفة الأولى من جهة أن أصالة الحقيقة إنما تكون حجة في إثبات المراد ، إذا كان مردّدا بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي ؛ لا في إثبات كون الاستعمال فيه حقيقة أو مجازا بعد العلم بالمراد ؛ كما في محل الكلام ، ومورد الاخبار المثبتة.
(٣) رابع الوجوه التي استدل بها للصحيحي : وهذا هو الدليل الأخير للصحيحي وهو : دعوى القطع بأن طريقة الواضعين للألفاظ بإزاء المركبات ، وديدنهم وضع الألفاظ للمركبات التامة لا الناقصة ، وهذا هو مقتضى الحكمة التي تدعو إلى الوضع للتفهيم في المحاورات ، وهو الذي تدعو إليه الحاجة.
والظاهر : أن الشارع لما أراد أن يضع ـ على فرض أن يكون هو الواضع للمستحدثات ـ غير متخط عن هذه الطريقة ، ومن هنا يمكن أن يقال : بأن الألفاظ وضعت للمعاني الصحيحة ، ولا يخفى : أن هذه الدعوى بطولها وعرضها تتوقف على مقدمة وهي : إثبات أمور تالية :
١ ـ أن هذا الاستدلال على فرض تسليمه إنما يتم على القول بثبوت الحقيقة الشرعية ، لأنه لا يتم إلّا بالوضع التعييني.
٢ ـ أن عادة الواضعين والمخترعين جرت على وضع الألفاظ للمركبات التامة ؛ بدعوى : أن مقتضى حكمة الوضع هو تفهيم المعاني التامة والصحيحة دون الناقصة والفاسدة.
٣ ـ أن الشارع لم يتخط عن طريقتهم لوجود تلك الحكمة في وضع الألفاظ للمركبات الشرعية ، بل سلك مسلكهم ووضع الألفاظ لخصوص الصحيح.