العقد المؤثر لأثر كذا شرعا وعرفا (١).
والاختلاف (٢) بين الشرع والعرف فيما يعتبر في تأثير العقد ؛ لا يوجب الاختلاف بينهما في المعنى ، بل الاختلاف في المحققات والمصاديق ، وتخطئة الشرع العرف في تخيل كون العقد بدون ما اعتبره في تأثيره ، محققا لما هو المؤثر ، كما لا يخفى فافهم (٣).
الثاني (٤) : إن كون ألفاظ المعاملات أسامي للصحيحة لا يوجب إجمالها كألفاظ
______________________________________________________
(١) أي : أن الموضوع له في المعاملات هو العقد المؤثر في الأثر المطلوب منه من دون تفاوت في ذلك بين الشرع والعرف.
(٢) قوله : «والاختلاف بين الشرع والعرف فيما يعتبر ...» إلخ دفع لما يتوهم من أن هناك معاملات لا يقرّها الشرع المقدس ، ويقرها العرف مثل معاملة الصبي المالك فإنها فاسدة بنظر الشرع ، وصحيحة بنظر العرف ، فكيف يقال : إن معنى العقد هو الصحيح بنظر كل من الشرع والعرف؟
وهذا الاختلاف دليل على عدم كون الصحيح عند الشرع والعرف بمعنى : واحد ، بل يدل على أن ألفاظ المعاملات أسام للصحيحة شرعا ، وللأعم عرفا ، وليست موضوعة للصحيح شرعا وعرفا.
وحاصل الدفع : أن هذا الاختلاف لا يوجب الاختلاف في المعنى ، بل هذا الاختلاف يرجع إلى الاختلاف في المحقق والمصداق ؛ حيث إن الشارع يخطئ العرف فيما يراه صحيحا ، وينبهه على أن الشيء الفلاني دخيل في العقد المؤثر ، لأن العرف قد يشتبه في تطبيق الصحيح الواقعي على ما لا يكون مؤثرا وصحيحا واقعا ، والشارع ينبهه على خطئه ، فحاصل الجميع : أن الصحيح شرعا هو الصحيح عرفا ، فلا يكون الثاني أعم من الأول.
(٣) لعله إشارة إلى أن الاختلاف بينهما إنما هو في نفس المعنى الموضوع له لا في محققه ومصداقه ، فمفهوم ألفاظ المعاملات هو الصحيح عند الشارع ، والأعم عند العرف ، فكل صحيح عند الشارع صحيح عند العرف ، وليس كل صحيح عند العرف صحيحا عند الشارع ؛ ضرورة : أن العرف يرى عدم دخل البلوغ أو القبض في المجلس ـ مثلا في بعض العقود ـ في مفهوم البيع وغيره ، والشارع يرى دخلهما فيه ، فلا محيص عن كون الاختلاف في المعنى لا في المصداق.
(٤) الغرض من عقد هذا الأمر على ما في «منتهى الدراية ، ج ١ ، ص ١٥٦» دفع إشكال أورد على القائلين بالصحيح في المعاملات.