العبادات ، كي لا يصح التمسك بإطلاقها عند الشك في اعتبار شيء في تأثيرها شرعا.
وذلك (١) ، لأن إطلاقها لو كان مسوقا في مقام البيان (٢) ينزّل على أن المؤثر عند الشارع هو المؤثر عند أهل العرف ، ولم يعتبر في تأثيره عنده غير ما اعتبر فيه
______________________________________________________
أما الإشكال فحاصله : أنه بناء على هذا القول : ـ تكون ألفاظ المعاملات مجملة ، فلا يصح التمسك بإطلاق أدلتها ، مع وضوح استقرار ديدنهم على التمسك بإطلاقها عند الشك في اعتبار شيء في المعاملة.
وأما الدفع : فتوضيحه يتوقف على مقدمة وهي : الفرق الواضح بين العبادات ، والمعاملات ، حيث إن العبادات بناء على الوضع للصحيح ماهيات مخترعة شرعية غير معلومة للعرف.
فمع عدم معرفة تلك الماهيات لا يصح التمسك بالإطلاق ، لكون الشك في الموضوع الذي لا يتصور معه الإطلاق ، فعدم جواز التمسك بالإطلاق سالبة بانتفاء الموضوع أي : لا إطلاق أصلا حتى يتمسك به عند الشك في اعتبار شيء جزءا أو شرطا.
وهذا بخلاف المعاملات فإنها أمور عرفية وليست مخترعة شرعية ، والأدلة الشرعية كقوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) ونحوه إمضائية لا تأسيسية ، والمعنى هو المعاملة العرفية فالشارع لم يخترع مفهوم المعاملة حتى يكون مجملا ، ويرجع الشك فيه إلى الشك في موضوع الإطلاق ، كي لا يمكن التمسك به ، بل زاد على المعاملة العرفية قيودا لا ترتبط بالمفهوم ، فإذا كان الشارع في مقام البيان صح التمسك بالإطلاق إذا شك في شرطية شيء في تأثير المعاملة العرفية.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه لا يلزم إجمال الخطاب بناء على كون ألفاظ المعاملات أسامي للصحيح ، كما يلزم ذلك في العبادات ؛ بناء على كونها أسامي للصحيحة ، فيجوز التمسك بالإطلاق في المعاملات لعدم الإجمال ؛ ولا يجوز التمسك به في العبادات ؛ لما عرفت من إجمال معنى الصحيح الموجب لعدم جواز التمسك بالإطلاق.
(١) تعليل لقوله : «لا يوجب إجمالها» ودفع لإشكال الإجمال على القول بالصحيح وقد عرفته مفصلا.
(٢) هذا إشارة إلى ما يعتبر في التمسك بالإطلاق وهو : كون المتكلم في مقام البيان ؛ لا في مقام الإجمال أو الإهمال.