الاستقبال في المضارع ، فيما كان الفاعل من الزمانيات ، ويؤيده (١) : أن المضارع
______________________________________________________
ومن البديهي : أن هذه الخصوصية تلازم وقوع الحدث في الزمان الماضي ، وهذه الخصوصية موجودة في الفعل الماضي في جميع موارد استعمالاته ؛ من دون دلالة له على وقوع المبدأ في الزمان الماضي كي يقال : بدلالة الماضي على الزمان ، بل وقوع المبدأ في الزمان الماضي من لوازم الخصوصية الموجودة في الفعل الماضي.
وأما الخصوصية في الفعل المضارع : فهي خصوصية الترقب الجامعة بين الحال والاستقبال ، وهذه الخصوصية تلازم زمان الحال أو الاستقبال ، فلا دلالة للفعل المضارع على الزمان تضمنا. نعم ؛ كل من الفعل الماضي والمضارع يدل عليه التزاما لمكان الخصوصية في كل منهما.
وعليه : فدعوى : دلالة فعل الماضي أو المضارع بنفسهما على الزمان الماضي ، أو الحال ، والاستقبال بالتضمن ـ كما يستفاد ذلك من قول النحاة على نحو كان الزمان جزءا للموضوع له ـ مما لا وجه له أصلا.
(١) أي : يؤيد عدم دلالة الفعل على الزمان تضمنا : «أن المضارع يكون مشتركا معنويا بين الحال والاستقبال».
أما وجه التأييد : فيتضح بعد ذكر أمور منها : أن مرادهم من الزمان المقترن به الفعل هو : مصداق الزمان لا مفهومه ؛ لأن وقوع الحدث المحقق في الماضي ووقوع الحدث المترقّب ، أو الحدث الحاضر في المضارع كان في مصداق الزمان.
ومنها : أن مرادهم من الاقتران هو : دلالة الفعل على الزمان بالتضمن لا بالالتزام.
ومنها : أن مرادهم من الزمان المأخوذ في مدلول الفعل هو : المصداق.
ومنها : أنه لا جامع بين الحال والاستقبال إلّا مفهوم الزمان.
إذا عرفت هذه الأمور من باب المقدمة فاعلم : بالتنافي بين كلامهم بالاشتراك المعنوي في المضارع وبين قولهم : بأن المأخوذ في معنى الفعل هو المصداق بمعنى : أن ما يكون جامعا بين الحال والاستقبال ـ أعني : مفهوم الزمان ـ لم يؤخذ في مدلول الفعل ، وما أخذ في مدلوله لا يكون جامعا بينهما ، فإن قلنا حينئذ بالوضع لكل من المصداقين : يلزم الاشتراك اللفظي ، وإن قلنا بالوضع لأحدهما : يلزم التجوز في الآخر ، وكلاهما مناف لما صرحوا به من الاشتراك المعنوي ، فلا يمكن الجمع بينهما إلّا بأن يكون مرادهم من اقتران الفعل بالزمان اقترانه بخصوصية تستلزم الزمان ، وهي خصوصية الترقب الجامعة بين الحال والاستقبال. ولازم ذلك : عدم دلالة الفعل على الزمان بالتضمن وإن كان يدل عليه بالالتزام ؛ فلذا يكون مؤيدا للمقام.