.................................................................................................
______________________________________________________
وحاصل الكلام في تأسيس الأصل في المقام بمعنى : أنه مع الشك والتردد ، وعدم قيام الدليل على أحد الاحتمالين هل هناك من الأصول ما يعين أحدهما ، أو تكون نتيجته توافق أحدهما؟
والكلام تارة : يقع في قيام الأصل في المسألة الأصولية ؛ بأن يثبت به الوضع والموضوع له ، وقد أشار إليه بقوله : «وأصالة عدم ملاحظة الخصوصية ...» إلخ.
وأخرى : يقع الكلام في الأصل في المسألة الفرعية ؛ بأن يثبت به الحكم للمشتق مع عدم تعيين الموضوع له. وقد أشار إليه بقوله : «وأما الأصل العملي ...» إلخ ، وأما الأصل في المسألة الأصولية فغير ثابت ؛ إذ لا أصل لدينا يعين به أن الموضوع له هو خصوص المتلبس أو الأعم منه.
وما يدّعى : من جريان أصالة عدم ملاحظة الخصوصية فيثبت بها الوضع للأعم مدفوع بوجهين :
أحدهما : أن أصالة عدم لحاظ الأخص معارضة بأصالة عدم لحاظ العموم ؛ إذ الوضع للأخص ـ كما يقتضي ملاحظة الخصوصية فتنفي بالأصل ـ كذلك الوضع للأعم يستدعي لحاظ العموم للزوم ملاحظة الموضوع له ، ولا يكتفى في لحاظه بعدم لحاظ الخاص ، لأن الخاص والعام متباينان مفهوما ، فعدم لحاظ أحدهما لا يكون لحاظا للآخر.
والحاصل : أنه كما تنفى ملاحظة الخصوصية بالأصل ؛ كذلك تنفى ملاحظة العموم بالأصل ، فيقع التعارض بين الأصلين.
ثانيهما : أنه لا دليل على اعتبار أصالة عدم ملاحظة الخصوصية في تعيين الموضوع له ؛ وذلك أن الأصل المزبور إما أصل عقلائي ، وإما أصل شرعي مثل الاستصحاب. فإن كان المقصود منه هو الأصل العقلائي فلا دليل على اعتباره ؛ إذ لم يثبت بناء العقلاء على نفي ملاحظة الخصوصية مع الشك بها.
وإن كان المقصود منه الأصل الشرعي أعني : الاستصحاب أي : استصحاب عدم ملاحظة الخصوصية من باب أصالة عدم الحادث ؛ فلا يكون حجة لأن اعتبار الاستصحاب مشروط بأحد أمرين :
أحدهما : أن يكون المستصحب حكما شرعيا.
ثانيهما : أن يكون ذا أثر شرعي ، وعدم ملاحظة الخصوصية ليس حكما شرعيا ، وليس له أثر شرعي لأنّ أثره هو الوضع للأعم ، وهو ليس أثرا شرعيا ، فلو كان له أثر